الطمع يميت العقل ويحيي الجشع
2023/09/27
745

 
من حديث أمير المؤمنين وقالع باب خيبر وابن عم النبي محمد صلى الله عليه واله وسلم التي يروم بها تقويم سلوك الموالين هو قوله عليه السلام: (أكثر مصارع العقول تحت بروق الأطماع)..

لقد عرف الطمع بأنه عبارة عن رغبة قوية في امتلاك الثروات أو السلع أو الأشياء، ذات القيمة المطلقة بغرض الاحتفاظ بها للذات، بما يتجاوز احتياجات البقاء والراحة الشخصية بكثير وهو هاجس مريض للبحث المتواصل والمستمر عن الثروة والمكانة والسلطة لرغبة الطامع في الاستئثار بالمكاسب حتى لو كانت على حساب الدين والعقيدة انما هي لتحقيق غايات وأهداف ربما تكون معظمها غير محمودة حتى على الجانب الإنساني.

لذلك جعل الإمام عليه السلام الطمع إشارة للشر إذ وصفه عليه السلام بقوله: (الطمع بوابة الشر) وكما نعلم أن دخول الابواب، يعني أننا أصبحنا في قلب الحدث والمشكلة، والشر بكل ما ينطوي عليه من مخاطر ومحرمات ومغريات ومكائد.

وهنا ينبه عليه السلام الى حقيقة مفادها أن المرء إذا طمع في مال أو جاه أو ما أشابه، لم يتبع عقله، وارتكب القبيح من الموبقات لأجل الوصول إلى مبتغاه ومن وراء ذلك تحدث الكوارث التي ربما لا ينفع معها الندم.

والتأريخ حافل بقصص الأشخاص الذين اتبعوا صفة الطمع في بعض اللحظات ودفعوا الأنفس ثمناً لهذه الصفة ولعل أشهرها شهداء معركة أحد عندما ترك الرماة الجبل الذي كان يحمي ظهور المؤمنين طمعاً في غنائم الحرب وحدث ما لا يحمد عقباه.

إن قول الامام عليه السلام هو دعوة إلى الحذر وعدم الاطمئنان لكل ما يخطف بصر الإنسان سواء على نطاق الحياة الاجتماعية أو الاقتصادية أو القيادية، وأن على المرء أن يتوخى الحذر قبل الإقدام والقبول بأي مغنم أو قيادة لأنه ربما لا يتيسر اليه التراجع آنذاك فيقع في المحذور.

كما ينبغي علينا أن لا نتسرع في إطلاق الأحكام جزافاً وننزه احدهم  ونطلق عليه صفة الأمانة المطلقة وأنه جدير بحمل أمانات أموال المؤمنين أو الحفاظ على رقابهم خاصة لو تسلم رتبة القيادة في إحدى جولات المعارك ولا بد من ان يكون هناك اختبار أولي يكشف مدى ثباته وصلابته واحترامه لعقله حيث ينهار البعض أمام الأموال وبريق الذهب ويجمد المبادئ  لغلبة تأثير المغريات والوعود عليه مما ينتج تركه لعقله ودينه وانصياعه للمال أو المنصب أو غيرها من المؤثرات الأخرى وهنا تغلبت الماديات على ثوابت العقل فلا يعد من الأحياء إلا بقدر الحركة الجسدية ولذا نجد أن بعض العقلاء يصرح بأن المرء الذي اتبع هواه في الطمع أمسى ميتاً إذ أنه أمات عقله عندما استجاب لمطامعه.

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: إذاعة الكفيل - برنامج (من رحيق البلاغة) الدورة الــ 76 - الحلقة الرابعة.

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا