شرف الكلمة
2022/10/26
853

الكلمة شرف، وشرف الكلمة الصادقة المعبرة تقوم عليها الأمم وترتقي وتزدهر حضارياً وفكرياً وإنسانياً..
ولا ترتقي الأمم والشعوب إلا بارتقاء أبناءها ولا يرتقي الإنسان إلا بكلمته..

لقد نشأت السماوات والأرض بكلمة، ورسالات الأنبياء كانت كلمة، والمبادئ كلمة، سعادة المرء كلمة وتعاسته كلمة، منطق الإنسان كلمة، الخير كلمة والشر كلمة، الحق كلمة والباطل كلمة، ثقافة الإنسان وتربيته وإرثه يستند على كلمة وهذه الكلمة هي المعيار الحقيقي للإنسان ومدى ثقافته ومايبقى له من إرث بعد مماته كصدقة جارية..

العدل كلمة والظلم كلمة.. فالكلمة داء و دواء، بالكلمة تبنى صروح وقلاع وتقام حضارات وأمم، فلنكن مسؤولين عما نطلق من كلمات لأن كل كلمة ننطقها محسوبة علينا خيراً أم شراً..
فالكلمة سلاح ذو حدين علينا أن نحفطها لتحفظنا نخلّدها لتخلّدنا على مر الزمان..

قال الله تعالى في كتابه العزيز: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّـهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ} [إبراهيم: 24].
الكلمة تمثل قائلها، الإنسان بكل كيانه تجده فيها، بدمه ولحمه وروحه وفكره وسلوكه، بما في ذلك طبيعة حياته وشخصيته وصفاته الاجتماعية، تعرف منها ما إذا كان صادقاً أميناً في ما يقول ويكتب، أو منافقاً، قوياً أو ضعيفاً، وطنياً أم يدعي الوطنية..
إن لم تكن الكلمة (نطقاً أو كتابة) بهذا الوصف تكون لغواً أو ثرثرة، وأحرفاً مرصوفة بلا معنى كرصف الحجر، أو تكون وصفاً ميكانيكياً جامداً وكتلة صماء بلا مشاعر.

حياتنا كلها كلمة.. القرآن كلمة.. الرسالة كلمة.. الإيمان كلمة.. الكفر كلمة.. الصدق كلمة..الكذب كلمة.. الإخلا ص كلمة.. الخيانة كلمة.. النزاهة كلمة.. الفساد كلمة.. الحق كلمة.. الباطل كلمة.. الحب كلمة.. الكره كلمة.. العلم كلمة.. الجهل كلمة.. الحزن كلمة.. الفرح كلمة.. الإعلام كلمة يمكن أن تكون تضليلاً أو تنويراً..

وشتان بين كلمة وكلمة!!
الكلمة تعكس طبيعة الإنسان أسلوبه في البيت، في الشارع، في العمل والنزهة والراحة، في الداخل والخارج، علاقته في بيته وعلاقته مع الخالق والمخلوق، وكل ما حوله من جماد وحياة.. والتطبيق يكشف كذب هذه الكلمة أو صدقها.. وهل كانت حقيقة أم دعاية ودجلاً وخيانة..
وقد دفع الإمام الحسين(عليه السلام) حياته وحياة آل بيته وصحابته(سلام الله عليهم) ثمناً لكلمة الحق فبقي خالداً على مرّ العصور.

 

 

___________________________________
المصدر: نشرة الخميس/ نشرة أسبوعية ثقافية تصدر عن قسم الشؤون الفكرية والثقافية في العتبة العباسية المقدسة- العدد 805.
علي عبد الجواد
  

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا