إنّ حبّ الذات في الإنسان يختلف تماماً عن حبّ الأنا لأنّ حبّ الذات غريزة فطرية مغروسة في وجود جميع بني آدم لكن الأنانية وحبّ الأنا حالة مرضيّة تعتري الأنسان نتيجة ابتلائه برؤية خاضعة للوهم تدفعه إلى توكيد مبدأ الفردانية والتمركز حول الأنانية والنظر إلى الحياة بمنظار المنفعة الخاصّة..
وإنّ حبّ الذات حالة طبيعيّة والبشريّة كلّها تحبّ ذاتها وهذا لا يعني أن جميع الناس لديهم أنانية، بل الأنانية تعني عدم الاهتمام بشيء سوى محبّة النفس ونيل منفعتها الخاصّة ولو على حساب الآخرين..

بينما الإنسان السوي يحبّ ذاته، وفي الوقت نفسه يحبّ ويحترم ذات الآخرين ولا يبخل في إرادة الخير لهم، لأنّه لا يرى في الآخر غيراً وندّاً مزاحماً له، بل يرى في الآخر غيراً ومكملاً له، ويرى أنّ في مساعدته للآخرين يحصل على أرقى المراتب والمنازل عند الله سبحانه وتعالى.

وأيضاً من فوارق حبّ الذات وحبّ الأنا، أنّ الذي يحبّ ذاته بعكس الأناني لا ينطلق في بحثه عن الخير والصفات المحمودة من منطلق حبّ التفوّق على الآخرين وإحراز الغلبة عليهم، لأنّه يدرك مذمومية طلب العلو في الأرض ويعي قوله تعالى: {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [القصص: 83].
وانّما ينطلق غير الأناني نحو الصفات الإيجابية، من منطلق حبّ الكمال وحبّ نفس الصفات الإيجابية، من دون النظر إلى الآخرين.

___________________________________
المصدر: نشرة الخميس/ نشرة أسبوعية ثقافية تصدر عن قسم الشؤون الفكرية والثقافية في العتبة العباسية المقدسة- العدد 700.
علي الأسدي