هروب المراهقين من المدرسة
2019/10/16
1432

يعاني بعض أولياء الأمور من ظاهرة سيئة يلجأ إليها ابنهم المراهق سيما الذكور منهم، ألا وهي ظاهرة الهروب من المدرسة، إنَّ الهروب من المدرسة مشكلة اجتماعية قبل أن تكون مشكلة فردية متعلقة بالمراهق وحده، ولا نتَّفق مع بعض الاختصاصيين الذين يرون أنَّ الهروب من المدرسة أو المنزل يحدث غالباً بشكل مفاجئ ومن دون التخطيط له، بل وبحسب رؤية الأخصائيين في علم النفس فإنَّ المراهق يتعمد الهروب من المدرسة ويخطط له، وهو مؤشر لأنَّه غير سعيد في البيت أو في المدرسة أو في الاثنين معاً، فيشكل الهروب نوعاً من الانفراج بالنسبة إلى المراهق ولكنه سرعان ما يتحول إلى فخ، فمن الصعب عليه العودة بآلة الزمن والرجوع إلى المدرسة أو المنزل، ماذا سيقول لأهله؟ لماذا هرب من المدرسة؟ فتبدو العودة إلى المنزل هماً لحظاته ثقيلة، ولكنها مهمة جداً؛ لأنَّها تفرض تطور الموقف بشكل سلبي أو إيجابي، وهذا يرتكز على رد فعل الأهل حياله، وننصح الأهل هنا بأن يكونوا لطيفين، وأن يلجأوا إلى تسخيف فعل المراهق والاستهزاء به، بل عليهم كما يقول المثل الشعبي: «ضرب الحديد وهو حامٍ»؛ لذا عليهم التحدث معه، ومحاولة فهم الدوافع التي أثارت فكرة الهروب لديه، فالغضب وجعل المراهق يشعر بالذنب من ردود الفعل التي قد تؤدي إلى انقطاع التواصل بينه وبين أهله وغلق باب الحوار بينهما نهائياً، لذا على الأهل أن يبقوا باب الاستماع إلى ابنهم مفتوحاً؛ كي يستطيع التواصل معهم حين يشعر برغبة في الهروب، وفي المقابل يرى الاختصاصيون أنَّ الهروب من المدرسة قد يشكل نوعاً من اختبار المراهق لقدرته الذاتية على اختراق القوانين المدرسية والخروج عليها، فإذا لم تتنبه المدرسة إلى هذا الهروب فإنَّه سيكرر فعلته، وإذا تنبهت المدرسة وأبلغت الأهل، عليهم أن يعرفوا منه دوافع هروبه وأن يتحاوروا معه؛ كي يعرفوا الأسباب التي من المحتمل أن تكون محاولة عابرة لخرق القانون واختبار قدرة المحيطين به في السيطرة على تصرفاته، وأما لأنَّه يعاني من مشكلة نفسية، أو لديه صعوبة تعلمية، أو ربما يكون الهروب رسالة من الإبن إلى أهله أنَّ عليهم التنبه إلى وجوده في حال وجود مشكلات عائلية مثل انفصال الوالدين، أما أسباب الهروب من المدرسة فيحدِّدها الاختصاصيون بالآتي:-

1- وجود مشكلة يعاني منها المراهق ويكون مصدرها المنزل، يقابلها سوء العلاقة بين التلميذ والمدرس لعدم قدرة هذا الأخير على فهم مشكلات التلميذ، وشعور المراهق بثقل الواجبات المدرسية وكثرتها، يقابلها ضغط الأهل والمدرسة لإنجازها.

2- وأيضاً خضوع المراهق لرغبة زملائه أو مجموعة الأصدقاء التي تشكل بالنسبة إليه عنصراً مهماً في حياته، فمن الملاحظ إخلاص المراهق لمبادئ هذه المجموعة ومعتقداتها، فيشاركها الأفكار والنشاطات الرياضية والميول نفسها التي لا تخلو في بعض الأحيان من الأخطار والمجازفة، من بينها الهروب من المدرسة، ليظهر أمام أصدقائه بمظهر البطل والقوي، وسبب آخر هو صرامة المعلمين واستغلال الأهل هذا الأمر، كأن يهددوه في أنَّهم سيشتكون إلى أستاذه، وبذلك يحولون المدرس إلى جلاد يحمل سوط العقاب.

3- البيئة المدرسية من حيث عدم توافر الشروط المادية، كالصفوف المزدحمة وعدم وجود الملاعب التي توفر النشاطات الرياضية، إلى جانب البيئة النفسية والاجتماعية للمدرسة، ويسود فيها العقاب القاسي، والمعلمون لا يظهرون تفهماً لمتطلبات التلاميذ مما يجعل التلميذ المراهق يشعر بأنَّه مضطهد، إضافة إلى ذلك هناك أسباباً متعلقة بالتلميذ المراهق نفسه ومنها:-

أ- رغبة المراهق في البحث عن مغامرة وجذب الانتباه إليه، وحب التفاخر أمام زملائه، وشعوره بأن لا طائل من الذهاب إلى المدرسة.
ب- الخوف المرضي من المدرسة، كالخوف من الاختبارات المدرسية مما يضعف ثقته بنفسه، وشعوره بالقلق الشديد مما يسبب له ضغوطاً نفسية ليس في مقدوره التغلب عليها، فضلاً عن أنَّ المراهق قد يكون من النوع الذي يعتمد على أهله في كلِّ شيء، وبالتالي فإنَّه يجد نفسه في المدرسة وحيداً عليه تحمل مسؤولية نفسه، فيجد في الهروب ملاذاً للتملص من المسؤولية، وقد تكون هناك معاناة نفسية لدى المراهق تعيقه عن التفاعل الطبيعي نفسياً واجتماعياً في المدرسة مثل شعوره بالوحدة الشديدة أو النبذ أو تعرض المراهق لمعاملة قاسية جداً إلى حد العنف مثل استقواء أحد التلاميذ، فيكون محط سخرية أو تحقير أو استضعاف من الآخرين لا سيما التلاميذ المسيطرين أو المتسلطين.

ج- قد يتعرض لمعاملة قاسية، وإهانة مستمرة، وتوبيخ من أهله أو المدرسة، مما يؤدي إلى عدم الثقة بالنفس والخوف والتردد والخجل الشديد، بالإضافة إلى احتمال وجود مشاكل عائلية مثل غياب الأب وانشغال الأم عن متابعة أوضاع ابنها المراهق، ونضيف أيضاً إفتقاد المراهق للنموذج القدوة وغياب الحوار بينه وبين والديه، وهناك نصائح على المستوى العائلي تكمن في البحث عن الأسباب وتشخيصها لتحديد طريقة التعامل مع مشكلة الهروب، كتغيير المدرسة إذا اضطر الأهل لذلك، وتشخيص العلاقة مع مدرس الصف والتلاميذ، واستعمال أسلوب التشجيع والتحفيز، والتحدث إلى المراهق والتقرب منه؛ لمعرفة دوافع هروبه من المدرسة والعمل على تقويم سلوكه، وكذلك معرفة ما يرغب فيه المراهق، والعمل على تذليل الصعاب التي يواجهها، وتقديم الدعم له في هذه الأمور، مثلاً إذا كانت الدروس صعبة يمكن تقديم المساعدة له بالوسائل المتاحة، وإذا كان السبب معاملة أستاذ المدرسة من الضروري التحدث إليه والتعاون معه على تحسين العلاقة بينه وبين التلميذ، أما إذا كان السبب تلاميذ الصف، فيمكن التعاون مع إدارة المدرسة لتغيير الشعبة التي ينتمي إليها التلميذ، وأما الحلول على الصعيد المدرسي فيمكن أن تكون من خلال:-

1- متابعة التلاميذ من خلال ملف خاص بكل تلميذ يحدد سماته الشخصية والنفسية، ومتابعة أوضاعه الأكاديمية والاجتماعية.

2- التواصل المستمر بين الأهل والمدرسة؛ للتعاون على إيجاد الحلول لمشكلة الهروب من المدرسة.

3- وأخيراً نؤكد على ضرورة الحوار بين الأهل والمراهق، فالهروب من المدرسة لن يتحول إلى كارثة إذا انتبه الأهل وعرفوا أسبابه وعملوا على تذليل الصعاب التي يواجهها.

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 المصدر: برنامج الأمل الزاهر - الحلقة الحادية عشرة - الدورة البرامجية 34.

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا