نصائح المرجع الديني الأعلى سماحة السيد علي السيستاني (دام ظله) للشباب/ 6

2025/03/20

48
نصائح المرجع الديني الأعلى سماحة
السيد علي السيستاني (دام ظله) للشباب/ 6
إحسان المرء لما يتولّاه
أمّا بعد فإنّني أوصي الشباب الأعزاء
-الذين يعنيني من أمرهم ما يعنيني من أمر نفسي وأهلي- بثماني وصايا هي
تمام السعادة في هذه الحياة وما بعدها، وهي خلاصة رسائل الله سبحانه
إلى خلقه وعظة الحكماء والصالحين من عباده، وما أفضَت إليه تجاربي
وانتهى إليه علمي:
* أن يُحسن كلّ امرئ وليَ شيئاً من
شؤون الآخرين أمر ما تولّاه، سواء في الأسرة أم في
المجتمع:
فليُحسن الآباء رعاية أولادهم،
والأزواج رعاية أهاليهم، وليتجنّبوا العنف والقسوة حتّى فيما اقتضى
الموقف الحزم؛ رعايةً للحكمة وحفاظاً على الأسرة والمجتمع، فإنّ
أساليب الحزم لا تنحصر بالإيذاء الجسدي أو الألفاظ النابية، بل هناك
أدوات ومناهج تربوية أخرى يجدها مَن بحث عنها وشاور أهل الخبرة
والحكمة بشأنها، بل الأساليب القاسية كثيراً ما تؤدِّي إلى عكس
المطلوب بتجذّر الحالة التي يُراد علاجها وانكسار الشخص الذي يُراد
إصلاحه، ولا خير في حزمٍ يقتضي ظُلماً، ولا في علاج لخطأ
بخطيئة.
ومَن وُلِّي أمراً من أمور المجتمع
فليهتم به وليكن ناصحاً لهم فيه ولا يخونهم فيما يغيب عنهم من
واجباته، فإنّ الله سبحانه متولٍّ لأمورهم وأمره جميعاً و سوف يسأله
يوم القيامة سؤالاً حثيثاً، فلا ينفقنّ أموال الناس في غير حِلِّها،
ولا يقرِّرنّ قراراً في غير جهة النصح لهم، ولا يستغلّنّ موقعه لتكوين
فئة وحزب يتستّر بعضهم على بعضٍ ويتبادلون المنافع المحظورة والأموال
المشبوهة، ويزيحون الآخرين عن مواضع يستحقونها أو يمنعون عنهم خدمات
يستوجبونها، وليكن عمله لجميع الناس على وجه واحد، فلا يجعله سبيلاً
للمجازاة على حقوق خاصّة عليه لقرابة أو إحسان أو غير ذلك، فإنّ وفاء
الحقوق الخاصّة بالحق العام جور وفساد، فإن ساغ لك ترجيح أحد فعليك
بترجيح الضعيف الذي لا حيلة له ولا جهة وراءهُ ولا معين له على أخذ
حقّه إلا الله سبحانه.
ولا يستظهرنّ أحد في توجيه عمله بدين
أو مذهب، فإنّ الدين والمذاهب الحقّة قائمة على المبادئ الحقّة؛ من
رعاية العدل والإحسان والأمانة وغيرها، وقد قال الله سبحانه: ﴿لَقَدْ
أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ
الكِتَابَ وَالمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالقِسْطِ﴾ (الحديد:
25)..
فمن بنى على غير ذلك فقد زيّن لنفسه
الأماني الزائفة والآمال الكاذبة، وأحقُّ الناس بأئمة العدل كالنبيِّ
(صلى الله عليه وآله)، والإمام علي (عليه السلام)، والحسين الشهيد
(عليه السلام)، أعملهم بأقوالهم وأتبعهم لسيرتهم، وليلتزم المتولي
لأمور الناس مطالعة رسالة الإمام علي (عليه السلام) لمالك الأشتر
عندما بعثه إلى مصر، فإنّها وصف جامع لمبادئ العدل وأداء الأمانة، وهو
نافعٌ للولاة ومن دونهم كلٌّ بحسب ما يناسب حاله، وكلّما كان ما تولاه
المرء أوسع كان ذلك له ألزم وآكد.
✍️ (موقع مكتب المرجع الديني الأعلى
سماحة السيد علي الحسيني السيستاني دام ظله)
__________________________________________
نشرة الخميس/نشرة أُسبوعيةٌ ثقافيةٌ
(مجانية)، تتناولُ المعارفَ القُرآنيةَ، والعقائديةَ، والفِقهيةَ،
والتاريخيةَ، والأخلاقيةَ، والتربويةَ، والاجتماعيةَ، والصحيةَ
بأُسلوبٍ مبسّطٍ ومختصرٍ، تصدر عن العتبة العباسية المقدسة/ العدد
1027.