في رحاب العاشر من أئمة الهدى (عليه السلام)
2025/12/23
21

قام إمامنا علي بن محمد الهادي النقي (عليه السلام) بأمر الإمامة، ونهض بالمشروع الإلهي الذي كلفه به الله تعالى، فكان معدنًا للعلم ومرشدًا للهدى وسيدًا للتقوى.

 

 ومن النصوص النفيسة التي وردتنا عن الإمام الهادي (عليه السلام): (الزيارة الجامعة الكبيرة)، التي وصفها بالقول البليغ الكامل، فهي نص جامع لكلّ أوصاف الأئمة (عليهم السلام) ومقاماتهم وفضائلهم وما يجب الاعتقاد به بالنسبة لنا، وقد شرحها الكثير من العلماء ووقفوا على معانيها وأطالوا الكلام في أهميتها؛ كونها من كنوز معرفة آل محمد (عليهم السلام).

 

وإذا تأملنا في عباراتها نجدها تدل على الطريق الأوفق والوحيد للوصول إلى الله تعالى، وهم: عترة نبيه (صلى الله عليه وآله) والثقل الثاني بعد كتاب الله؛ لتوضح مقامهم الجليل وشرفهم العظيم، فهم أبواب الله التي أقامها لعباده.

 

على عكس ما يحاول البعض ممن جهل أهميتها أن يرميها بالغلو!! لقصوره عن إدراك حقيقتها وفهم معانيها بصورة صحيحة، فوقع في جحود هذه المقامات والمناقب، وهو انحراف عقائدي خطير!!

 

وتعد هذه الزيارة وثيقة مهمة وردتنا عن الإمام الهادي (عليه السلام)، ولو لم يصلنا سواها لكفى في معرفتهم وعظيم مولاتهم، لتبقى حية في أذكار المؤمنين يرددونها شعارًا وهويةً لإيمانهم ومعرفة ساداتهم أوصياء نبيهم (صلوات الله عليهم أجمعين).

 

وقد تحمل هذا الإمام العظيم (عليه السلام) أشد أنواع المحن والويلات في سبيل إيصال هذه المعارف إلى مَن يعتقدها ويجعلها دينًا يدين اللهَ به، لينتهج سبيل الصالحين والصادقين الذين وافوا عهدوهم ومواثيقهم مع الله منذ بيعة الغدير.

 

كما أنّه قد أصّل لمبدأ الرجوع للعلماء بعد غَيبة قائمهم (صلوات الله عليه)، كما جاء في الأثر المعتبر عنه ما نصه: «لولا مَن يبقى بعد غَيبةِ قائمِكم (عليه السلام) من العلماء الداعين إليه، والدالّين عليه، والذابين عن دينه بحجج الله، والمنقذين لضعفاء عباد الله من شِبَاك إبليس ومَرَدَتِهِ ومِن فِخاخ النواصب، لما بقِيَ أحدٌ إلا ارتدَّ عن دين الله، ولكنهم الذين يمسكون أزمّة قلوب ضعفاء الشيعة، كما يُمسك صاحبُ السفينة سكانَها، أولئك هم الأفضلون عند الله عزّ وجلّ» (الاحتجاج، للطبرسي (رحمه الله): ج٢/ص٢٦٠).

 

وفي هذا الخبر وصفٌ لهؤلاء العلماء الذين أُمرنا بالرجوع إليهم، فهم المتقنون للحجج والبراهين المستنبطة من النصوص الشريفة، وقد عُرفوا بمخالفة الهوى وصيانة النفس واتباع أوامر المولى، فهؤلاء مَن يذبّون عن دين الله وحججه وما جاءت به شريعته الحقة التي وصلتنا عنهم (صلوات الله عليهم). وهذه الضوابط ينبغي أن تُتّبع حتى لا يدّعيها المدّعون بها وصلًا وهم الأبعدون عنها حقيقةً.

 

ومن الجهل غير المغفور للمعاند المقصّر: توهُّم أنّ نظام (المرجعية الدينية) وليد العصور المتأخرة!! فإنّ هذا النظام أسسه الأئمة (عليهم السلام) وأرجعوا الناس إليه، وجميع خصوصياته وردت عنهم وبقية شؤونه، والخبر الذي نقلناه ليس الوحيد بل هو من طائفة كبيرة من الأخبار المعتبرة، ولكنه ينفع أن يكون تصديقًا لهذه الحقيقة الواضحة في المقام.

 

ومن مهمات الدين العظيمة التي تحمل أعباءها (عليه السلام): ترسيخ الثقافة المهدوية لدى شيعة الحق، عبر الإشارة إلى أهمية الاعتقاد بهذه الحقيقة؛ فالإيمان بها يستكمل الإيمان، وهو عين إكمال الدين وتمام النعمة، حتى إنّه تدخّل في اختيار وعاء الإمامة وبقية الحق في هذه الدنيا، فاختار السيدة الطاهرة نرجس (عليها السلام) مليكة الدوائر زوجةً لولده الإمام العسكري (عليه السلام) وأُمًّا لحجة الله على الأرضين، وكذلك أودع سرَّ هذا الأمر للسيدة الجليلة العظيمة حكيمة (عليها السلام)، ولك أن تعرف مدى خطورة هذا الأمر في ظل طواغيت متعطشة لدمائهم (عليهم السلام) يتربصون بهم الدوائر.

 

فالسلام عليك يا سيدي ويا مولاي، وعلى روحك وبدنك، ما بقي الليل والنهار.

 

  • الشيخ أحمد صالح آل حيدر
__________________________________________
نشرة الكفيل/نشرة أُسبوعيةٌ ثقافيةٌ (مجانية)، تتناولُ المعارفَ القُرآنيةَ، والعقائديةَ، والفِقهيةَ، والتاريخيةَ، والأخلاقيةَ، والتربويةَ، والاجتماعيةَ، والصحيةَ بأُسلوبٍ مبسّطٍ ومختصرٍ، تصدر عن العتبة العباسية المقدسة/ العدد 1052.
تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا