الشباب والتحديات المعاصرة.. صراع الهوية وثبات المبادئ
2024/12/17
91
الشباب والتحديات المعاصرة..
صراع الهوية وثبات المبادئ

في زمان تتسارع فيه التغيرات وتتكاثر فيه الفتن.. يجد الشباب أنفسهم على مفترق الطرق بين عاصفة الحداثة وهدوء المبادئ والقيم! التكنولوجيا؛ تلك النافذة المفتوحة على مصراعيها والتي لا تُغلق، باتت تحمل في طياتها أفكاراً وقيماً غريبة عن بيئتنا، بل عن قيمنا وأخلاقياتنا، فتغزو العقول وتسعى لزعزعة الثوابت التي تربى عليها الشباب في ظل مجتمعاتهم الأصيلة.
إنّ الشباب هو عصب الأمة ونبض الحياة فيها، لكنه بحاجة إلى يد حانية تقوده وسط هذا الزحام، ودفة رشيدة توجهه نحو بَرّ الأمان، فالقيم الغربية التي تبدو برّاقة تحمل أحياناً كثيرة بذور التغريب والانفصال عن الهوية، حيث تروج للفردية المطلقة والحرية المنفلتة التي لا تعرف حدوداً، فتزرع في النفس شتاتاً وتُغرقها في اغتراب عن الذات والمجتمع!
والسؤال الذي يقف شاخصاً أمام أنظارنا هو: كيف يستطيع الشاب الثبات أمام هذا المدِّ الجارف، ويحمي نفسه؟!
هنا يتجلّى دور التربية التي تبدأ من نعومة الأظفار، حيث يُغرس في قلوب الناشئة معنى الأخلاق النبيلة، والتمسك بالأسرة وقيمها وجمال الالتزام بأخلاقياتها الأصيلة، فحين يُدرك الشاب هذه المعاني، يصبح أكثر قدرة على التمييز بين البريق الخادع والحقيقة النافعة.
ففي هذا الوقت الحرج من الانفلات الأخلاقي والانسلاخ عن الأصول الحقّة نحتاج إلى نماذج مشرقة تعكس كيف يمكن الجمع بين الأصالة والانفتاح، نماذج لشباب يعيشون مبادئهم بإيمان صادق، وينفتحون على العالم بعقل واعٍ، شباب يستخدمون التكنولوجيا لبناء مستقبلهم، لا لتدمير هويتهم، ويستلهمون أصالتهم من إرث أُمّتهم المجيد ودينهم الحنيف.
ومما يجدر الالتفات إليه؛ إنّ مسؤولية حفظ الشباب وصونهم ليست حكراً على الأسرة، بل هي أمانة في أعناق المجتمع كله؛ المدارس والجامعات والمساجد والمؤسسات الثقافية.. جميعها يجب أن تتكاتف لتكون محاضن للتربية على المبادئ والقيم الرصينة، فتحافظ على هوية الشباب من الضياع! وللإعلام الدور الأكبر في أن يكون منبراً ينقل الجمال الأصيل ويواجه غزو القيم الغريبة الوافدة علينا.
أيُّها الشباب، أنتم النور الذي تُبصر به الأمة مستقبلها، فلا تدعوا عتمة الفتن أن تطفئ شعلة قلوبكم وتحرفكم عن مساركم الأصيل، اجعلوا من مبادئكم حصناً منيعاً، ومن أخلاقكم سلاحاً لا يُغلب. تذكروا دائماً أنّ الأصالة ليست قيداً، بل هي أجنحة تحلق بكم في سماء التقدم، وأنّ القيم ليست عائقاً، بل هي الجسر الذي يعبر بكم إلى مستقبل واعٍ ومشرق.

✍️ علي عبد الجواد

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نشرة الخميس/ نشرة أُسبوعيةٌ ثقافيةٌ (مجانية) تصدر عن العتبة العباسية المقدسة/ العدد 1014.
تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا