من أسرار النجاح
رُوي عن الإمام أمير المؤمنين (عليه
السلام) أنّه قال: «لا ظهِيرَ كالمُشاوَرَةِ» (نهج البلاغة:
ج٤/ص١٤).
الحياة لا يمكن أن يعيشها الإنسان
وحده، ولا يمكن أن يستقلّ برأيه؛ لما في ذلك من ضعف يدبُّ إلى رأيه،
فيجازف بأغلى ما عنده في حياته وهو قراره.
فالقرار من أخطر الأمور التي تؤثّر
على حاضره ومستقبله، فكم من مستقلٍّ برأيه هلك بدوّامة الكفر
والانحرافات، وانخرط في حزب الشّيطان الذي لا يؤدّي به إلّا إلى
العذاب الذي ذُكر في القرآن الكريم أنّهم خالدين فيها أبداً، كما في
سورة البقرة، (الآية 62).
كلُّ ذلك بسبب القرار الخاطئ الذي
اتخذوه تقليب وجوه الآراء في عالم الدنيا التي اختاروا بها الكفر
والإلحاد.
لا يقوى صاحب القرار ويقترب من
الصواب إلّا إذا ضمّ رأياً من آراء العقلاء إلى رأيه ممّن يُعتدُّ
برأيهم، ويكون رأيهم سنداً ومعيناً له على الاقتراب من الصواب
والنجاة التي لا يختار العقلاءُ والمتشرِّعةُ غيرَها.
والمشاورة هي: أن تجعل مع عقلك
عقلاً آخر، وكلّما زاد العدد زادت قوّتها، وانتشر غصنها، ونضج
ثمَّرها.
والمَشْوَرَة أو المَشُورة اسمٌ
مِن: أشارَ عليه بكذا، أي: بَيَّن له وجهَ المصلحة ودَلَّه على
الصواب، وبهذا يستعين العاقل بعقل أو عقول أخرى؛ ليصل للقرار الصائب
أو القريب من الصواب الذي لا يُلام على اتخاذه.
وقد ذكرت الروايات الشّريفة أنّ
النبيَّ الأكرم (صلى الله عليه وآله) كان يستشير، مع أنّه لا يحتاج
إليها، إلّا أنّه يعلِّمنا هذا الفعل المنجح لحياتنا، والذي يمثّل
طريق النجاة، كما في قضيّة حفر الخندق المعروفة.
وفي النهج عن أمير المؤمنين (عليه
السلام): «مَنِ اسْتَقْبَلَ وُجُوهَ الآرَاءِ عَرَفَ مَوَاقِعَ
الخَطَأ» (نهج البلاغة: ج٤/ص٤٢)، وهذه كلمة يتبيّن منها أن من يقلّب
الآراء يصل إلى مواقع الأخطاء فيجتنبها لئلّا يقع فيها فيفسد أمره
الذي هو فيه، فالمشورة خير معين على النجاة وهي سبب للنّأي بالنفس
عن الخطأ، وهذا سرٌّ من أسرار النجاح الذي يقدمه الدّين الإسلاميُّ
ويضعه بيد المؤمن الذي لا يقبل من نفسه أن يكون ضعيف الرأي، خائر
الأفكار، إنّما المؤمن هو مَن يبحث عن النجاح والفلاح.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نشرة الكفيل/ نشرة أُسبوعيةٌ ثقافيةٌ (مجانية) تصدر عن العتبة العباسية المقدسة/ العدد 984
✍️ السيد رياض الفاضلي