مع تزايد الضغوط الحياتية والسرعة
الهائلة في إيقاع العصر، قد يُصاب بعض الأفراد بالتوتّر والقلق،
فيصبح هدف الجميع الحصول على الاستقرار النفسي، وهو شعور الفرد
بالاطمئنان وتقبّل ذاته والتوافق معها وتقبّل الآخرين والتسامح
معهم، فضلًا عن البساطة والتلقائية في التعامل مع الذات ومع
الآخرين.
والاستقرار النفسي أمر نسبي يتفاوت
من شخص إلى آخر ومن مجتمع إلى مجتمع، بل إنّه قد يتفاوت عند الفرد
ذاته بحسب الظروف التي يمرّ بها في أثناء مراحل الحياة من الطفولة
إلى الشيخوخة، مثلما أنّه يتفاوت بين الذكور والإناث وبين المتعلّم
وغير المتعلّم.
إنّ من أبرز علامات الاستقرار النفسي الشعور بالأمن والسلام الداخلي والتصالح مع الذات، والشعور بالسكينة والطمأنينة والانسجام مع المشاعر والأحاسيس بطريقة متناغمة، والتعبير عن المشاعر الإيجابية وإبداء الحبّ تجاه الآخرين والتعبير بشكل إيجابي، وهو مخزون من الحبّ يحتاجه الفرد إذا ما تعرّض لأزمة نفسية فيستعمله حينها، ممّا يعود على الفرد بالراحة النفسية التي تؤدّي إلى الاستقرار النفسي.
ومن عوامل الاستقرار النفسي عدم مقارنة النفس بالآخرين، إذ إنّ المقارنة تدفع الفرد إلى التقليل من قدراته وإنجازاته الذاتية التي يمتلكها، ممّا قد تقود إلى الشعور بالإحباط والفشل؛ لذا فمن الأفضل أن يقارن الفرد نفسه بنفسه بين إنجازاته السابقة وإنجازاته الحالية، ويعزّز ثقته بنفسه ويكوّن صورة ذاتية عن نفسه عن طريق التحديد الدقيق والواقعي للإمكانات والقدرات الموجودة لديه، وهناك عوامل خارجية تؤثّر في الاستقرار النفسي للفرد، منها انعدام الأمن، وفقدان الحرّية، وانعدام العدالة، وسوء معاملة أفراد المجتمع، فعدم توافر ما يحتاجه الفرد من الضروريات، وشعوره بالغبن قد يؤثّر سلبًا في حالته النفسية واستقرارها، وقد تُحدث ضغوطًا نفسية تجعل الفرد يعاني من حالة فكرية سيئة.
ولكي تحصلي على الاستقرار النفسي، فعليكِ اتّباع مجموعة من النصائح، منها:
• التوقّف عن التفكير فيما حدث في الماضي، وعدم السماح للذكريات المؤلمة أن تشغل تفكيركِ، والعيش في الحاضر، واستثمار الفرص لبناء مستقبل زاهر.
• القيام بأداء العبادات، إذ إنّ
التقرّب من الله (سبحانه وتعالى)، والإسراع إلى فعل الخير، وتجنّب
ارتكاب المعاصي التي حرّمها الله (عزّ وجلّ) يمنحكِ
الطمأنينة.
• القيام بالأعمال التي تحبّينها وتفضّلينها وترغبين بها.
• تجنّب التعامل مع الأشخاص السلبيين الذين يزيدون من الحزن والآلام.
• التسامح والعفو عن الناس، فالحقد
والحسد والضغينة والكره، كلّها مشاعر سلبية ترهق القلب والروح، ولن
تشعري بطعم الراحة والهناء.
• التوقّف عن التذمّر
والشكوى.
• التصرّف بعفوية بدون تصنّع أو تكلّف في محاولة لإخفاء العيوب وتجميل الوضع أمام الناس.
• عدم كبت المشاعر، بل التعبير عمّا
بداخلكِ من آراء وأفكار ومعتقدات من دون خوف أو تردّد.
• عدم السماح للآخرين بأن يقرّروا
بدلًا عنكِ.
• ضرورة مخاطبة النفس بعبارات إيجابية، مثل: أنا ناجحة ومتفوّقة.
وأخيرًا علينا أن نعرف بأنّه لن تتحقّق للإنسان الطمأنينة والاستقرار النفسي إلّا بذكر الله (عزّ وجلّ)، فقد قال (سبحانه وتعالى): (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللهِ أَلا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) (الرعد:28).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: مجلة رياض الزهراء(ع)/ مجلة شهرية تختص بشؤون المرأة المسلمة تصدر عن قسم الشؤون الفكرية والثقافية، شعبة المكتبة النسوية في العتبة العباسية المقدسة- العدد180/
المشورة نافذة البصيرة وقوة الفكر
اقلام على خطى الزهراء (عليها السلام)