إن تربية الأطفال مسألة تفوق في أهميتها مجرد العلم والمعرفة لأنها ترسم المستقبل المأمول للأمة، والتربية الثقافية إحدى أهم أعمدة التربية للطفل حيث تتصف الثقافة بعدة خصائص تعطيها طابعها النوعي المميز بصفتها هوية اجتماعية، كما أنها تقوم بالعديد من الوظائف التي تؤدي الى تماسك المجتمع في توجهاته الكبرى وقولبة الأفراد كي يصبحوا أعضاء فيه يعيشون ويتصرفون تبعًا لتلك التوجهات.
إن من خصائص التربية الثقافية للطفل
أنها تتجه الى الطفل بصفة فرد ولكنها تسعى أن تكون شاملة للجماعة،
وهي تكون فردية وجماعية في آن واحد متكاملة تضع أمامها حاجات شخصية
الطفل المسلم الى النمو العقلي والاجتماعي والانفعالي وصولاً الى
النمو الجسدي، فإن هذا العمل بحاجة الى روح الجماعة والى تدريب
أولياء الأمور وجعلهم بالمستوى الثقافي الكافي ليكونوا على أتم
الجهوزية لتربية أبنائهم ثقافيًا، فالتربية الثقافية للطفل تساعده
على التعامل بشكل أبسط مع الوسط المحيط به، فيتأثر فيه ويوثر هو
أيضًا في وسطه المجتمعي وتساعده على التكيف بشكل أبسط مما يسهم على
المدى القريب ومن ثم البعيد في تجانس المجتمع وتضامنه مما
يودي الى قدرة ذلك المجتمع على التقدم فإن هذا النوع من التربية
بدوره لا يهمل عموميات الثقافة كالعادات والتقاليد والتاريخ وأنماط
السلوك وطرق التفكير التي يشترك فيها الأفراد في مجتمع
الطفل..
للتربية الثقافية للطفل وظيفتان
وهما..
1. أولها هي الوظيفة الاجتماعية:
وهي الوظيفة الأساسية للتربية الثقافية للطفل، فالثقافة لا تنتقل
بطريقة فطرية أو وراثية من الأمهات أو الآباء الى الأبناء أو من فرد
الى آخر في المجتمع، فالطفل يولد كالوعاء الخالي ثم على حسب المحيط
يمتلئ ذلك الوعاء من ثم تتكون شخصيته من خلال تفاعله مع محيطه إن
كان في الأسرة أو المدرسة والمجتمع عمومًا، ويؤدي التعليم والتقليد
الى خلق مركب ثقافي في شخصية هذا الطفل وهذا المركب متكون من القيم
والعادات وأنماط السلوك التي نعني بها الأفكار والمشاعر والتصرف في
المواقف المختلفة.
2. ثانيها الوظيفة النفسية: وتعد هي وظيفة القولبة لأفراد المجتمع أي اكتساب هؤلاء أساليب التفكير والمعرفة وقنوات التعبير عن العواطف والأحاسيس ووسائل إشباع الحاجات الفسيولوجية وهو ما يعبر عنه بمصطلح التدامج الاجتماعي أو التنشئة الاجتماعية وغاية هذه الوظائف مساعدة الأطفال على التكيف مع الثقافة العربية والإسلامية واكتسابهم لهوياتهم الاجتماعية والثقافية.
أما عن الأسس التربوية فأولها المؤسسة التربوية التي تعد أهم عوامل التثقيف فلابد للجيل الجديد من الإلمام بالعناصر الثقافية كالمعتقدات والقيم والأنماط السلوكية التي يعيشها أهله وأفراد المجتمع من حوله ويمكن أن تسمى عملية الإلمام هذه بالتثقيف العام للطفل حتى يصبح راشدًا وهو يحاول الإحاطة بالعناصر الثقافية التي من حوله مما جعل المربين يسمون العملية التربوية بالعملية المستمرة مادام الإنسان حيا يرزق.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: إذاعة الكفيل - برنامج غمار تربوية - الحلقة
الثانية -
الدورة البرامجية 77.
العلاقةُ بين المنتظِر والمنتظَر