أخواتي الكريمات في ظل متغيرات العصر الحديث، وتسارع الأحداث المعاصرة، ووقت قد لا تكون ثانيته الحالية مشابهة لثانيته التالية، فإن مهنة التعليم والتعلم لم تعد تلك المهنة المقتصرة مكانياً على غرفة الصف، ومعرفياً على محتوى الكتاب، ولم يعد المعلم ذلك الإنسان الواقف أمام الطلاب ليلقي المعلومات والمعارف ثم ينصرف!

ولا يخفى على أحد الدور التقليدي الذي ظل يلعبه المعلم لفترات طويلة من الزمن ، ألا وهو دور الناقل للمعرفة، حيث أن الحفظ والتلقين هو الأسلوب الذي ساد قبل عصر الانفجار المعلوماتي.

فقد كان المعلم والكتاب المقرر اخواتي هما المصدرين الرئيسيين للمعرفة والمعلومات ، وكان التعليم يعتبر عملية نقل للمعلومات ليس للمتعلم دور فيها سوى الاستماع والحفظ ، ومن ثم استظهر هذا الحفظ ، وقد ظل دور المعلم كناقل للمعرفة عقوداً طويلة من الزمن حيث كان هو محور العملية التعليمية.
لنتحدث الان اخواتي عن طائفة من الادوار الجديدة والمتجددة للمعلم.

والتي منها دوره في رعاية النمو الشامل للطلاب: فمن المعروف ايتها المستمعات في العصر التربوي الحديث أن الطالب محور العملية التربوية بأبعادها المتنوعة وتهدف هذه العملية أولاً وأخيراً النمو الشامل للطالب " روحياً وعقلياً ومعرفياً ووجدانياً ".

أما دور المعلم الذي يكون فيه كخبير وماهر في مهنة التدريس والتعليم: فينبغي هنا أن يسعى المعلم دائماً للنمو المهني والتطور والتجديد في مجال الاطلاع على خبرات المهنة الحديثة والمتجددة كما ويجدر به ويتطلب منه أن يعي الأساليب والتقنيات الحديثة ليقوم بنقل الخبرات المتطورة إلى طلابه بشكل فعال وإيجابي ، كما ويطلب منه أن يكون عصرياً في توظيف تكنولوجيا التعلم والتعليم المبرمج والأجهزة الإلكترونية الأخرى، ومتجدداً ومسايراً لروح العصر في أساليبه ومهاراته التعليمية ليستطيع بالتالي من المساهمة الفعالة في تحقيق الأهداف السلوكية التربوية المرجوة.

وللمعلم دور في مسؤولية الانضباط وحفظ النظام حيث يعتبر المعلم في المجال مساعداً ووسيطاً لتحقيق سلوك اجتماعي إيجابي لدى الطلاب قوامه الانضباط والنظام ، بحيث لا يتأتى ذلك من خلال الأوامر والتسلط بل من خلال إشاعة الجو الديمقراطي الهادف لرعاية الطلاب في هذا المجال بحيث يساهم الطلاب في مشروعات وقرارات حفظ النظام والانضباط في حدود مقدرتهم وإمكانياتهم بشكل عام فالطالب الذي يساهم في صنع القرار يحترمه ويطبقه.

 لدينا أيضاً ايتها الفضليات دور المعلم كمسؤول عن مستوى تحصيل الطلاب وتقويمه : فمستوى التحصيل الجيّد في المجالات التربوية المتنوعة معرفية ووجدانية و مهارية يعتبر هدفاً مرموقاً يسعى المعلم الناجح لمتابعته وتحقيقه مستخدماً كل أساليب التقنية وتكنولوجيا التعليم في رعاية مستوى تلاميذه التحصيلي على مدار العام الدراسي بل والأعوام الدراسية وذلك في مجال ما يدرسه من مناهج ومقررات والمعلم الناجح مستمعتي هو الذي يوظف اللوائح المتعلقة بتقويم الطلاب في المجالات المعرفية والوجدانية والمهارية بشكل موجه وفعال.

ودور آخر مهم للمعلم لابد من الاشارة اليه مستمعتي الكريمة الا وهو دور المعلم كمرشد نفسي: فعلى الرغم من صعوبة قيام المعلم بدور إرشادي وتوجيهي للطلبة إلا أنه ينبغي عليه أن يكون ملاحظاً دقيقاً للسلوك الإنساني، كما ينبغي عليه أن يستجيب بشكل إيجابي عندما تعيق انفعالات الطالب تعلمه وينبغي عليه أيضاً معرفة الوقت المناسب لتحويل الطالب للأخصائي النفسي طالباً المساعدة.

ومن المرشد النفسي الى المعلم الانموذج : هنا مستمعتي قد يكون المعلم غير مدرك لدوره كنموذج سلوكي يحتذى به من قبل طلبته، فعندما يستخدم المعلم أمام طلبته ألفاظاً نابية، فإنه لا يدرك تأثير ذلك على سلوك طلبته المستقبلي.

واخيراً نتعرف على دور المعلم كعضو في المجتمع حيث  : يطالب المعلم في هذا الدور أن يكون عضواً فعالاً في المجتمع المحلي، بحيث يتفاعل معه فيأخذ منه ويعطيه، فالمعلم في المفهوم التربوي الحديث ناقل لثقافة المجتمع، فكيف يكون ذلك إذا لم يساهم المعلم في خدمة هذا المجتمع في مناسباته إلى فعالياته الاجتماعية الأخرى عن طريق مجالس الآباء والمدرسين والانضمام إلى الجمعيات الخيرية الموجهة لخدمة المجتمع والتعاون مع المؤسسات التربوية والمتخصصين الآخرين في المجتمع.

أيتها الاخوات، مما تقدم يتبين لنا كثرة وأهمية الأدوار التي يضطلع بها المعلم والتي هي الأساس في مهنته ولإكمال رسالته التربوية التي هي مورد عذب لكافة الاجيال ينهلون منها ما يروي ظمأهم من معرفة يكون المعلم فيها هو المنبع والقدوة، فلابد هنا من ان يكون هذا المنبع عذبا رقراقا ليكون مصدر خير لكل الاجيال.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: برنامج المورد العذب-الحلقة الثانية- الدورة البرامجية57.