الأمومة الآمنة
2020/10/30
1656

الأمومة هي تلك الصفة النبيلة التي لا تكاد تكتمل حياة المرأة بدونها، ولا ترتوي بسواها، فليس من حدثٍ في الأرض يمنح المرأة السعادة العميقة الدائمة والشعور بالتجدد أكثر من عمليتي الإنجاب والإرضاع؛ لذلك لا بدَّ أن تكون فترة الحمل عند كل سيدة بمثابة فترة صحية سعيدة ونشطة وليست فترة خوف أو توعّك واعتكاف، فعملية الإنجاب هي بمثابة حدث نفسي وجسدي، وتجربة إنسانية عميقة تعيشها المرأة بجسدها وروحها، وكثيراً ما يكون من الصعب فهم العلاقة بين خلية دقيقة لا يمكن رؤيتها إلّا بالمجهر، وبين وليد يستهل حياته بالبكاء والصراخ بعد تسعة أشهر، لهذا من الواجب على كل امرأة أن تعي هذه الحقائق وأن تكون على استعداد نفسي وجسدي كما يتوجب عليها الاستماع إلى الإرشادات الطبية العلمية، وليس إلى أقاويل الجيران وأخبار العجائز ومختلف التخيلات والتنبؤات، ففي كل يوم تقضي أكثر من ألف امرأة في العالم نحبها نتيجة لمشكلات الحمل والولادة.

ومما نراه وبشكل ملحوظ اهتمام جميع المؤسسات الصحية والمختصين والمهتمين بهذا المجال، كما تعمل على تأمين الرعاية الصحية الأولية للمرأة خلال فترة الحمل وبعد الولادة، وكذلك على تقديم العناية الخاصة للنساء اللاتي يعانين من مشاكل صحية خلال فترة الحمل أو أثناء الولادة أو في فترة النفاس، ومن هنا وجب على كل امرأة تنتظر وليدها وتنتظر بأن تكون أماً أن تنمي نفسها وفكرها بالتوعية والإرشاد التي تجعلها تشعر بأمومة آمنة بعيدة عن المخاطر لها أولاً ولطفلها ثانياً، وذلك بإلقاء الضوء على الأساسيات والعوامل الرئيسة لجعل فترة الحمل منذ البداية آمنة وهي ما يلي:- 

1- الفحوصات الطبية التي من الواجب القيام بها لكل امرأة حامل طوال فترة الحمل.

2- الغذاء الصحي والوجبات الغذائية التي تحتاج إليها الحامل.

ويمكن تقسيم الإنسان إلى مرحلتين: مرحلة حياته كجنين ثم بعد ذلك طفلاً فشاباً فكهلاً، ولا نغالي إذا قلنا أنَّ الحياة الجنينية هي الأساس لصحة الإنسان ومستقبله بعد ذلك، وهي بالتأكيد أهم من حياة الإنسان خارج الرحم، وتعد الفترة من بداية إخصاب البويضة وحتى يبلغ الجنين أسبوعه الثاني عشر أهم فترة في حياة الجنين؛ لأنَّه ينمو بسرعة خلال هذه الفترة وعند نهايتها تكون كل أعضائه قد تكونت بالفعل، وهنا يكون السؤال: هل تكونت هذه الأعضاء بصورة صحية وسليمة أم لا؟

إنَّ الجنين لكي ينمو نمواً سليماً وصحياً، فإنَّه يجب أن يستمد غذائه المتوازن من خلال تغذية الأم، ولهذا وجب على الحامل الاستفسار من طبيبتها عن المأكولات والفيتامينات التي يجب عليها تناولها، فتنصحها بالأكل المعتدل، وعدم الإفراط في تناول الحلويات والدهنيات، والاعتماد على صفار البيض والكبد والدجاج والخضار والسمك والفاكهة والحليب والأجبان والألبان والخبز والرز، لكي تحافظ على زيادة الوزن كيلو غرام واحداً في الشهر، فالإفراط في الحلويات يزيد من وزنها، والإفراط في الموالح يزيد من ضغطها وتورمها وزلالها، أما الفيتامينات فقد تحصل عليها طبيعياً من المأكولات التي هي في متناول يدها.

وأما عن توقيت الولادات، فإنَّ مباعدة الولادات من أهم السبل وأكثرها فاعلية لتحسين صحة النساء والأطفال، وهذه حقيقة غير معروفة على نطاق واسع حتى الآن، فالولادات الكثيرة والمتقاربة جداً هي السبب في وفاة حوالي ثلث أطفال العالم.

التهيئة النفسية للولادة

ونقصد بالتهيئة النفسية اتخاذ جميع السبل لتخفيف آلام المخاض، وذلك بواسطة التثقيف الصحي، لذلك يجب تزويد الزوجين بالمعلومات الفسيولوجية الكافية عن الحمل والولادة، وعن فيسيولوجية الجنين والوليد، وكذلك أهم الأمور المتعلقة بصحة الطفل في الأيام التي تلي الولادة، وينبغي دعم هذا الجانب التثقيفي ببعض المعالجات البدنية والنفسية، وأول عنصر في ذلك هو الاسترخاء العضلي والعصبي، فيبدأ بنوع من التنفس المقصود ليحل محله فيما بعد التنفس المتَّسم بالهدوء والاسترخاء، وهناك بعض التمارين التي يستحسن أن تقوم بها كل حامل تتألم من ظهرها، وبعد الولادة الطبيعية هنالك موضوع مهم لا تكتمل الأمومة الآمنة إلّا به وهو الرضاعة الطبيعية؛ لهذا وجب علينا إلقاء الضوء عليه، فالأطفال الذين يرضعون رضاعة طبيعية أقل عرضة للإصابة بالمرض وسوء التغذية من أولئك الذين يرضعون بالزجاجة أو يتناولون أطعمة بديلة لحليب الأم، فحليب الأم وحده الغذاء الأفضل والشراب الأمثل للطفل في الأشهر الأربعة أو الستة الأولى من عمره، ويجب البدء بإرضاع الطفل في أسرع وقت ممكن بعد الولادة، إذ إنَّ في مقدور كل امرأة أن ترضع طفلها، والإرضاع المتكرر ضروري لإدرار حليب كاف لتلبية حاجات الطفل الغذائية.

هذه العوامل الرئيسة تؤدي إلى الأمومة الآمنة، واعلمي جيداً بأنَّ هناك أساسيات مرسومة يجب على الأم أن ترسمها لنفسها وتبحث وتستقصي عنها جيداً وتسأل طبيبتها عن كل شاردة وواردة بهذا الموضوع، فالتطور التوعوي الصحي يجب أن يكون مهماً لدى الأسر بحيث يزيد الاقتناع بأهمية العناية الطبية الدائمة وبضرورة المطالعة والبحث والمعرفة أكثر فأكثر، فالتثقيف الطبي هو الوسيلة الأجدى لمحاربة الأمراض والتخفيف من خطورتها، بهذا وجب على كل امرأة حامل -ليس فقط المرأة الحامل بل على كل فتاة مقبلة على الزواج أو التي تفكر ببناء أسرة سعيدة- المطالعة والقراءة الدائمة حرصاً على سلامتها وسلامة عائلتها التي هي عماد المجتمع لاسيما لتلك الأم النابضة بالحياة.

وأخيراً، ليكن شعار تلك الأسرة التي تنتظر مولودها: «معاً للأمومة الآمنة».

 

 

 

 

 

 

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصدر: برنامج عالم الأمومة- الحلقة الرابعة-الدورة البرامجية19.

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا