الطمأنينة هي الثقة وعدم القلق وطمأنينة النفس راحتها وسكونها وثباتها، والطمأنينة أعم من السعادة، فالسعادة ترتبط بالمسرات، والطمأنينة ترتبط بالقناعات والسلوكيات..أن الطمأنينة هي الحياة الحقيقة السعيدة التي ينشدها كل الناس ولكن لا يهتدون إليها.
إن السعادة غاية كل إنسان في هذه الحياة والطمأنينة هي العامل الأهم في تحصيل تلك السعادة والركن الأبرز من أركان الحياة الهانئة الرغيدة والطمأنينة هي: زيادة سكون القلب، وذلك بحصول العلم اليقين الناشئ عن الرؤية، فالخليل إبراهيم (عليه السلام) مؤمن بالله، ولا يريد أن يرى ليؤمن، بل ليزداد يقيناً ويسكن فكره وخاطره بذلك اليقين، فلا يحتاج إلى معاودة الاستدلال ودفع الشُّبَهِ عن القلب، والطمأنينة أقوى من الأمن، يتضح ذلك في وصف القرية بأنها (كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً).
بعد أن تعرفنا على معنى الطمأنينة
لابد من وقفة مع طائفة من أسباب الطمأنينة ونزول السكينة على القلوب
وأولها:
- استشعار قرب الفرج عند
حلول المحن ونزول البلايا:
فالعاقل يعلم أن دوام الحال من
المحال وأن المرء متقلب بين الضراء والسراء والواقع يشهد أنه ما من
نازلة إلا ارتفعت عن أصحابها فلِم هذا اليأس وكيف يسيطر القنوط على
القلوب فأبشر بزوال كل هم وأيقن بتحول كل مكروه.
دع الأيام تفعل ما تشـاء.. وطب نفسا
إذا حكم القضاء
ولا تجزع لحادثة الليالي.. فما لحوادث الدنيا بقاء
فلنتأملقول الله تعالى: ( فإن مع العسر يسراً، إن مع العسر يسراً) لترين بشارتها للمكروبين والمهمومين كوهج للأمل، فقوله تعالى:{فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} بشارة عظيمة، أنه كلما وجد عسر وصعوبة، فإن اليسر يقارنه ويصاحبه، حتى لو دخل العسر جحر ضب لدخل عليه اليسر، فأخرجه كما قال تعالى: (سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً).
- ذكر الله وتلاوة القرآن:
يقول سبحانه وتعالى: "ألا بذكر الله
تطمئن القلوب" هكذا تفصح هذه الآية بهذه الحقيقة العظيمة , وتوضح
هذا الأمر بجلاء , فلقد بحث الناس عن الطمأنينة في المال والشهرة
(والسهرة) ولكنهم وجدوا سراباً خادعاً وبريقا كاذباً، وأما أصحاب
الذكر المستديم فهم في راحة وطمأنينة لا يشعر بها إلا من ذاقها فهل
جربتن أيتها المؤمنات أن تجلسن منعزلات تذكرن ربكن وتناجينه لتتذوقن
حلاوة الخشوع والطمأنينة والعلم أيضاً مستمعاتي أحد الأمور التي
تجلب الطمأنينة.
نعم، فالعلم أعظم هبة من الله
لعبده، به يعُرف به جل وعلا وتُعرف حدوده ونواهيه، ومن أعمر وقته
بطلب العلم كان في لذة وأنس لا تعدلها لذائد الدنيا كلها فإنه
نموذج للحياة الطيبة التي كان يعيشها العلماء، والأنس والسرور الذي
كانوا عليه في حياتهم الدنيا، ولما كثر انشغالنا بالتوافه من الأمور
صارت حياتنا ضنك وهم وضاع منها وهج الأمل فهذه دعوة مستمعاتنا إلى
العلم وطلبه وإن لم تستطع فعلى الأقل لابد من تغذية الروح
بالمطالعة في كتب أهل العلم ننظر في تفسير آية أو شرح حديث أو سيرة
عطرة أو أبيات شعر مهذبة، وهكذا تتنقل بين هذه الأفياء وستجد سروراً
بإذن الله تعالى.
- أداء الحقوق
والواجبات: فأن لهذا السبب أثر كبير في نزول السكينة
والطمأنينة عند أصحاب القلوب السوية، وأرباب النفوس الكريمة؛ لأن
نفوسهم الكريمة تأبى التقصير في حق كل ذي حق.
وأعظم الحقوق حق الله تعالى من
توحيده وأداء فرائضه، ومن كان مقصراً في حق الله تعالى ثم يروم
سعادة فنقول له: رويدك إن الباب مغلق دونك بغير أداء هذا
الحق، ويتبع هذا أداء
حقوق الوالدين والقرابة من زوجة وولد وكل ذي رحم قريب، فكل هذا من
أسباب حلول الطمأنينة في القلب بإذن الله تعالى.
-الإحسان إلى
الناس:
فهو سبب عظيم للأنس في الدنيا مع
نيل الأجر في الآخرة ..فجربن أخواتي أن تعلمن جاهلاً أو تُحسنَّ إلى
فقير أو تزيلن كرب مهموم أو تُعينن محتاجاً، أو تجلسن بجوار
مُصاب، وتأملن في الأنس السعادة التي تجدنها في
أنفسكن.
إن الإحسان إلى الناس لا يفعله إلا
الكُمّل من البشر ولذا كانوا أسعد الناس نفوساً وأشرحهم أفئدة فهل
تكون منهم؟ لتكون السعادة مكان الشقاء.
- صدق الدعاء والإلحاح في
الطلب:
لقد علّم رسول رب العالمين (عليه الصلاة والسلام) أمته أن يلحوا على ربهم في الدعاء، وأرشدهم أن يصدقوا في الطلب .. وإن لم يكن عون من الله للفتى فأول ما يجني عليه اجتهاده، لقد من دعائه(ص): "اللهم إني أعود بك من الهم والحزن".
كما تبين لنا بان الطمانينة وأسبابها تؤدي الى بزوغ وهج الأمل في الأفئدة والصدور ولا تتحقق الطمأنينة إلا بتحقق أسبابها آنفة الذكر، وبذلك نكون في هذه الحلقة قد بينا لكم صورة أخرى من صور الأمل في النفوس ألا وهي الطمأنينة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: برنامج وهج الأمل - الحلقة
الثانية- الدورة البرامجية44.
منع التعرُّض لحرم الحسين (عليه السلام)