مسؤولية الزوجين أزاء الأقربين " الأهل والأقارب":
2020/01/24
466

إن لكل من الزوج والزوجة أقارب لا يجوز لهما تناسيهم في الجوانب التي يقرها الشرع المقدس ولا يحق لأي منهما منع الاخر من التزود معهم وأداء ما لهم من حقوق.

إن لكل من الزوج والزوجة أب وأم وأخوة و أخوات أعمام وأخوال عمات وخالات وأبناء أخوة وأبناء أخوات أبناء عمومة وأبناء خوال ولهم أجداد وجدات وعدد من الاقارب النسبيين.

إن التزاور معهم يعد من العبادات ومن الحسنات والتردد عليهم يعتبر عملاً حسناً وحل مشكلاتهم يمثل فعلاً يستحق الاجر والثواب.

على الزوجة أن لا تتبرم حيال أقرباء زوجها وتمتنع عن الترحيب بهم إذا ما قدموا الى بيت زوجها أو يكفهر وجهها في وجوههم حين تقابلهم وتعكر الاجواء أو تمارس أسوء من ذلك كله إذ تصد زوجها عن التزاور معهم وحل مشكلاتهم إن البيت ملك الزوج وقد اناط الله سبحانه وتعالى بالرجل مهمة التصرف بأمواله وطاعة الزوجة لزوجها من الواجبات الشرعية وإيذاء الزوجة لزوجها يعد من المحرمات ومنعها إياه من التزاور مع أبويه وإخوته وسائر أقاربه أمر منافٍ للأخلاق والفطرة والقيم الانسانية وكذا منع الزوج زوجته من التزاور مع ابويها وأقاربها وأرحامها يعد عملاً منافياً للمحبة والعواطف الانسانية.

وإذا ما أصبحت المرأة والولد حائلاً دون القيام باعمال الخير والاحسان والتعبد والتزاور مع الأقارب ومد يد العون اليهم فإنهم وكما يعبر القرآن الكريم يُعَدون عدواً للانسان ليس بمعنى العدو الذي يطفح قلبه باللضغينة بل العدو الذي لا يود أن يرى الانسان سعيداً وهانئاً في لادنيا والاخرة وعلى رب الاسرة أن لا يستسلم للنزعات الخاطئة التي تتملك الزوجة والولد إذا ما رام القيام بأعمال الخير وحل مشكلات الناس والتزاور مع الارحام ودعوتهم الى بيته وإبداء المساعدة لأبويه وإخوته.

وبطبيعة الحال فإن المؤمنات من النساء اللواتي آمن بالله وباليوم الاخر وتوفر لديهن الشعور بالمسؤولية والرغبة في إعمار آخرتهن وإدركن أن أداء حق الزوج يعتبر واجباً شرعياً وتأدبن بالاخلاق الالهية فإنهن على اتفاق مع أزواجهن في جميع شؤونالحياة والامور الاخلاقية وإيتاء الصالحات بل إنهن إذا ما لمسن من أزواجهن تهاوناً على هذا الصعيد بادرن الى حثهم وترغيبهم الى صالح من الأعمال والتزاور مع الأقارب ومساعدتهم.

أما اللواتي يخالفن إرادة الحق تعالى في التوجهات أو الأولاد الذين تخالف مآربهم إرادته جلت قدرته فهم ممن عدهم القرآن الكريم في عداد الأعداء وهنا يوجه الباري تعالى في كتابه الأوامر للإنسان فيما يخص هذا الجانب وهذه الأوامر لها صفة أخلاقية وعاطفية وانسانية فقط.

يقول تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)

ولا فائدة من الاصطدام مع مثل هؤلاء الزوجات والأولاد ولا داعي للجدال والصراع معهم ولا ضرورة تستدعي الغضب والتشاحن ليبقوا على إصرارهم وما عليكم إلا الثبات في طريق طاعة الله سبحانه وتعالى والانفاق والجهاد في سبيله وفعل الصالحات على كافة الأصعدة.

وفي الحقيقة فإن بعض النساء متعصبات في هذا الجانب فهن قد حرمن من رحمة الله ويحاولن حرمان الآخرين منها وكذلك فإن بعض الرجال متشددون أيضاً أزاء زوجاتهم في هذا المجال وتشددهم هذا لا مبرر له ولا فائدة منه سوى الحرمان من رحمة الله وفضله.

فما السبب الذي يدفع بالبعض من النساء الى الوقوف بوجه ازواجهن ومنع أقربائه من دخول بيته وأن لا يذهب هو لزيارتهم أو أن يمتنع من إعانتهم مالياً وبالمقابل يتردد أقرباء الزوجة على البيت الذي هو ملك الزوج ويخضع لتصرفه ولا بد من أن يكون تردد الاخرين على هذه الدار بإذنه وتجري الامور وفقاً لما تشتهيه الزوجة وتمضي اشهر وسنوات والرجل يعيش حسرة عدم دخول أبويه أو إخوته وأخواته الى داره فيما ينثال أقرباء المرأة على الدار طيلة هذه الأشهر والسنين.

ألا يمثل ذلك ظلماً بحق الزوج وأقاربه؟ إنه الظلم تلك الحالة النفسية الخطرة التي من ابتلي بها لعنه الله وأبعده عن رحمته وساءت عاقبته في الآخرة وهل من الاخلاق أن يمنع بعض الازواج زوجاتهم من الذهاب الى بيوت ىبائهن أو أخواتهن واخوانهن ويتعاملون معهن كالأسير المرتهن؟
لا شك بأنها أخلاق شيطانية يرفضها الحق تعالى وتؤدي بالتالي الى حرمان المرء من رحمة الله عز وجل لقد تطرق القرآن الكريم بما يقارب من ثلاث وثلاثين مرة الى أقارب الانسان وأوصى بهم عدا الآيات المتعلقة بصلة الرحم، ونظراً الى أن المؤمن مأمور بالاقتداء بسيرة رسول الله(ص) والتأسي به في جميع المجالات فإن أحد واجباته يتمثل في هداية أقاربه وإنذارهم إذا كانوا بحاجة للهداية والانذار والانسان بحاجة الى ذلك حتى ىخر عمره قال تعالى: " وانذر عشيرتك الأقربين".

ما أجمله من عمل إذ يقوم الانسان بين الفينة والاخرى إذا كان قادراً بجمع أقاربه وأقارب زوجته في بيته وتقديم المواعظ لهم وتعريفهم مسائل الحلال والحرام وتحذيرهم عواقب الطالح من الاعمال والاخلاق وتعليمهم المسائل الفقهية والشرعية؟

إن هداية الناس الى المعارف الالهية عمل يناظر عمل الانبياء والائمة (عليهم السلام) وفيه من الاجر والثواب ما يدهش العقول أن على الازواج أن يتعاملوا مع أولي القربى على ضوء ما جاء في الايات الثلاث والعشرين من كتاب الله باحترام أقرباء بعضهم البعض والتزاور والتواصل معهم واعانتهم بما يستطيعون من المال إذا كانوا بحاجة لذلك.
وعلى الزوجة التزام الحذر من غثارة غضب الرجل لأن غضبه وغيضه استناداً الى ما جاء في الروايات بمثابة غضب الرب والمراة التي لا يرضى عنها زوجها لا يقبل منها عمل واجب كان أو مستحب قال الامام الصادق(ع): ط ملعونة ملعونة امرأة تؤذي زوجها وتغمه".

إن جانباً من إيذاء الزوج يرتبط بالموقف ازاء أقاربه إذ تعاند الزوجة زوجها بلا مبرر منطقي أو شرعي وبذلك تحرم نفسها من رحمة الله عز وجل.

صلة الرحم:

صلة الرحم من صالح الاعمال وأرضاها التي أكد عليها الباري عزَّ وجل والانبياء والائمة(ع)، وقد تركزت سيرة الأنبياء وأخلاق أئمة أهل البيت(ع) صلة أرحامهم على القيام بهذه الأعمال والقرآن بدوره يوصي بصلة الرحم معتبراً إياها من أفعال الذين يعقلون ومعتبراً قطيعة الرحم فسقاً ومرتبكاً قاسقاً.

وفي سورة النساء يأمر تعالى بتقوى الله والأرحام وإنه  لمن المدهش أن يذكر تعالى الأرحام بعد ذكره اسمه فيقول: " واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام".

وفي سورة الرعد يذكر تعالى خصالاً يعدها من خصال أولي الالباب يستحقون أن تتلقاهم الملائكة في المحشر يسلمون عليهم ولهم نعم العاقبة ومن بين هذه الخصال صلة الرحم يقول تعالى: " والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل".

وفي سورة البقرة يقول تعالى بشأن قطع الرحم: ((ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك هم الخاسرون)).

نعم قطيعة الرحم خسران ليس بالهين.

وفي سورة الرعد ثمة آية قاصمة للظهر إذ يقول تعالى: (( ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار)).
ويقول تعالى في سورة محمد(ص): ((فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ)).

فأي أهمية تحظى بها صلة الرحم بحيث أن صاحبها تستقبله الملائكة يوم القيامة وتسلم عليه وتحسن عاقبته وتصيب قاطع الرحم اللعنة وسوء الدار والهلاك.
إن سد ما يعاني منه الارحام من عوز مادي من خلال الانفاق عليهم بما يحفظ كرامتهم وشخصيتهم له من الفوائد ما لا يحصى يقول تعالى: " ومثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضاة الله وتثبيتاً من أنفسهم كمثل جنة بربوة اصابها وابل فإن لم يصبها وابل فطل والله بما تعملون بصير)).

لنبحث عن أقاربنا -نسباً وحسباً- غنيهم وفقيرهم ثم ندعو الاغنياء منهم ونتلو عليهم ما ورد من آيات واحاديث بشأن صلة الرحم ونوضحها لهم ثم نطلب من كل واحد منهم أن يودع كل شهر أو سنوياً بما تسمح به ثروته وأمواله مبلغاً من المال لدى أحد وجهاء القوم وكبارهم ومن ثم إيداعه في أحد صناديق التسليف ومنحه كقرض أو مساعدة للفقير من الارحام إذا ما داهمه طارئ أو إذا احتاج لذلك.

إنه عمل يسير مرضي لدى الله حلال للمشاكل مزيل للآلام وقد جرى التنويه الى جزائه بالإجمال.
 









ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: برنامج مرفأ الأسرة- الحلقة التاسعة- الدورة البرامجية السابعة.

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا