تربية الأولاد وتعليمهم الحلال والحرام وسلبية اتباع أسلوب الضرب
2020/01/05
1796

إنّ أشرف عمل في العالم هو تربية الطفل، وتزويد المجتمع بإنسان حقيقيّ، لذا على الوالدين تحصين الولد عقائديّا من تعليمه أحكام الحلال والحرام ليصبح عاملاً بها، لا سيَّما قبيل بلوغه وتكليفه، فلا بد للوالد أن يعلِّم ولده علامات البلوغ الذي يتحقّق من خلاله تكليفه بأحكام الله، وأن يعلّمه الأحكام التي يُبتلي بها في حياته، وكذا بالنسبة إلى الأم فتعلّم ابنتها أحكام الإسلام الحنيف، وعندها يستقبل الولد بلوغه بوضوح وثبات ووعي ورشد.

ومع الأسف نجد أنّ تعليم الولد للحلال والحرام مفقود في كثير من أوساط مجتمعاتنا الإسلاميّة، إذ يلاحظ تركيز الناس على تعليم أولادهم علوم الدنيا فقط، بل قد يمنعونهم في بعض الحالات، من تعلُّم أحكام الإسلام، وهذا ما تنبّأ به رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حينما قال: "ويل لأولاد آخر الزمان من آبائهم".

فقيل له: يا رسول الله من آبائهم المشركين؟ فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): "من آبائهم المؤمنين، لا يعلِّمونهم شيئاً من الفرائض، وإذا تعلّموا أولادهم منعوهم، ورضوا عنهم بعرض يسير من الدنيا، فأنا منهم بريء، وهم مني براء".
لذ تعتبر من اهم الأمور التي ينبغي تعلمها في هذا العمر الحلال والحرام، والأحكام الشرعية الأساسية، فعن الإمام الصادق(ع)، قال: "الغلام يلعب سبع سنين...، ويتعلم الحلال والحرام سبع سنين".

وزيادة على ضرورة تعليم الأطفال العلوم الدينيَّة من قرآن وفقه ، تركز السنة النبوية المعطَّرة على أهميَّة تعلم الطفل لعلوم حياتية معيَّنة ، كالكتابة، والسباحة، والرمي وفنون القتال، بحيث يصبح الولد قادراً على الدفاع عن نفسه والذود عن دين الله الحنيف.

فقال ( صلى الله عليه وآله): ( حَقُّ الوَلَدِ عَلَى وَالِدِهِ أن يُعلِّمَه الكِتَابة، والسِّبَاحَة، والرِّمَايَة، وأنْ لا يَرزُقَه إلاَّ طَيِّباً) والسباحة والرماية من الرياضات المفيدة، وقد ندبت الروايات الشريفة إلى تعليمها للأولاد، ففي الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: "علموا أولادكم السباحة والرماية".

وأيضاً تعليم شعر أبي طالب: فقد كان أمير المؤمنين (عليه السلام) - في ما روي عنه - يعجبه أن يروي شعر أبيه أبي طالب وأن يدوَّن، وكان (عليه السلام) يقول: "تعلّموه وعلِّموه أولادكم، فإنّه على دين الله، وفيه علم كثير".

ونذكر ها هنا من شعر أبي طالب ما قاله لابن أخيه النبيّ محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم):

ودعوتني وعلمت أنّك ناصحي... ولقد صدقت وكنت ثمَ أميناً

ولقد علمتُ بأنّ دين محمّدٍ... من خير أديان البريَّةِ دينا

وهنا يجب علينا أن نلفت عنايتكم أختي المربية أخي المربي الى نقطة مهمة جداً إلا وهي ضرب الأولاد في هذا العمر.

وبادىء ذي بدء نقول فقد ورد في خطبة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في فضل شهر رمضان: "ووقروا كباركم وارحموا صغاركم".

لذا إن من الظلم أن يجعل الولد متنفساً للضغط النفسي للأهل، فتصبح طريقة تربيته المتبعة هي الضرب فقط، كالأب المرهق من العمل في خارج بيته، ثم يأتي إلى المنزل ليجد ولده قد أخطأ خطأً ما فلا يتبادر إلى فكره طريقة لتربيته إلا الضرب.

فمن الخطأ والظلم الكبيرين أن يكون الولد ضحية للعقد النفسية التي قد يحملها الأبوان، لذلك نجد الأحاديث الشريفة أشارت إلى أن الضرب ليس هو الأسلوب الأنسب لتربية الولد، فعن أحد أصحاب الإمام الكاظم (عليه السلام) قال: شكوت إلى أبى الحسن موسى عليه السلام ابناً لي فقال: "لا تضربه واهجره ولا تطل".
فالإمام عليه السلام أجاب السائل بأن لا يضرب ابنه بل يتبع أسلوباً آخر للتقريع إذا كان لا بد منه وهو إشعاره بعدم الرضا من خلال هجره، هذا الهجر الذي لا يجوز أن يتحول إلى قطيعة "لا تطل"، بل يأخذ دوره كتأنيب نفسي رادع له لتصحيح مسلكيته.
وإذا انقطعت سبل تربية الولد ولم يبق إلا الضرب سبيلاً وحيداً لتأديبه في مفردة ما، فيمكن تأديبه من خلال ذلك، لكن ضمن حدود لا يجوز تجاوزها.
وقد حددت الرواية عن حماد بن عثمان ذلك حيث قال: " قلت لأبي عبد الله عليه السلام في أدب الصبي والمملوك، فقال خمسة أو ستة وأرفق".
فلا يكون الضرب مستمراً وكثيراً لأكثر من خمسة أو ستة، كما لا يكون شديداً بل برفق لا يصل إلى حد تغير لون بشرته نتيجة الضرب إلى الأحمر أو الأسود... فضلاً عن التسبب بأذيته من جرح أو كسرٍ والعياذ بالله، فإذا تجاوز هذا الحد وجب عليه دفع الدية لولده، وسنشرح فيما يلي هذه الدية.
لقد جعل الشرع ديّة للضرب القاسي الذي يستعمله بعض الأهل مع أبنائهم، عقاباً لهم على ما اقترفوه بحق الأولاد، ولتوضيح الديات قسمنا الضرب إلى ثلاثة أقسام ضمن الجداول التالية:

دية ضرب الوجه:

الحالة - الدية بالذهب:
• إذا احمر الوجه: 5,4 غرام

‏• إذا اخضر الوجه: 10,8 غرام

‏• إذا اسود الوجه: 21,6 غرام

الحالة- ‏الدية بالبعير:

• إذا تقشر الجلد من دون إدماء بما يشبه الخدش: بعير

• إذا دخل الجرح في اللحم يسيراً: بعيران

• إذا دخل الجرح في اللحم كثيرا ولم يبلغ الجلدة الرقيقة المغشية للعظم: ‏ثلاثة أبعرة

‏• إذا دخل الجرح في اللحم كثيرا وقطعت الجلدة الرقيقة المغشية للعظم: أربعة أبعرة

• ‏الجرح إذا ظهر منه بياض العظم: خمسة أبعرة


دية البدن: 

الحالة/ الدية بالذهب

• إذا احمر البدن: 2,7 غرام

‏• إذا اخضر البدن: 5,4 غرام

‏• إذا اسود البدن: 10,8 غرام

‏وأما الجرح في البدن فتختلف ديته بحسب موضعه من الجسد، وفيه تفاصيل كثيرة تراجع في كتب الفقه.


 

 

 

 

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 المصدر: برنامج حنايا القلب- الحلقة العاشرة - الدورة البرامجية34

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا