من القضايا التي تتزامن في كثيرٍ من الأحيان -إن لم تكن دائمًا- هي أنَّ الفقر والانخفاض في المستوى الاقتصادي يمكن أن يجلبا معهما مجموعة من المشاكل؛ فعندما يحل الفقر ضيفًا على المنزل، فإنَّه يجرُّ وراءه مشاعر اليأس وضعف الإيمان، وقد يثير البغض أو حتَّى الحسد تجاه الآخرين؛ فالفقر المادي يضغط أحيانًا على أفراد الأسرة، ويحوّل حالة الاستقرار والهدوء إلى حالة من الاضطراب النَّفسي؛ إذ تتصاعد المشاعر السلبيَّة وتزداد مستويات الغضب، ممَّا يجعل المنزل أشبه بسفينة تُبحر في بحر متلاطم الأمواج وسط عاصفة تهدد بغرقها.

لقد أثبتت العديد من الدِّراسات أنَّ انخفاض المستوى الاقتصادي، وأحيانًا الاختلاف في الوضع المالي بين الزَّوجينِ، يؤثِّر تأثيرًا سلبيًا على استقرار الأسرة؛ إذ يسهم هذا التَّفاوت المالي في زيادة التَّوترات والمشاكل بين الزَّوجينِ، وقد ينتهي إلى شعور بالعجز والإحباط، كما يمكن أن يخلق هذا التباين المالي بيئة مليئة بالضُّغوط النفسيَّة التي قد تؤثِّر على العلاقات الأسريَّة، الأمر الذي يعيق التَّواصل الفعَّال ويضعف الرَّوابط العاطفيَّة بين أفراد الأسرة.

ولعلَّ الكثير منَّا شهد بأمّ عينه كيف أنَّ بعض النِّساء طلبن الطَّلاق من أزواجهن بسبب عدم اجتهاد الزَّوج في العمل، وعدم سعيه لتوفير لقمة العيش الكريمة لأسرته، وقد يكون هذا السَّبب من أكثر العوامل التي تنتهي إلى توتر العلاقة الزوجيَّة، فالزَّوجة قد تنتابها أحيانًا مشاعر القلق والإرهاق حين تتحمّل عبءَ المسؤوليَّة المالية وحدها، الأمر الذي ينعكس سلبًا على استقرار الأسرة، ويُعمِّق إحساسها بالاستياء ويُضعف توازن العلاقة العاطفيَّة بينها وبين زوجها.

إنَّ الكسل والإيحاء للنفس بالعجز عن العمل من العوامل التي تقيِّد الفرد وتمنعه من السَّعي المثمر؛ إذ تجره إلى حالة من الركود والضَّعف، وأمَّا الثقة بالله (تعالى) والتَّوكل عليه، إلى جانب السَّعي الجاد للحصول على عمل يضمن قوت العائلة، حتَّى إن تأخر ذلك! وفي هذه الحالة ينبغي للزَّوجة أن تُقدِّر سعي زوجها وجهوده الصَّادقة في تأمين العيش الكريم، وأن تتعامل معه بروح الدَّعم والتَّفهُّم بدلًا من الدُّخول في صدامٍ يزيد التَّوتر ويُضعف أواصر المودَّة؛ فالتسرُّع في الخلافات قد يُفضي إلى تصدُّع العلاقة، وربما إلى الفراق الذي لا يخلِّف وراءه سوى النَّدم على قرارات لم تُمحَّص بعقلٍ ورويّة.

• السيد صباح الصافي