2025/10/22
123 الأسرة نواة المجتمع، وصلاحُه بصلاحها، وفسادُه بفسادها، وركنا الأسرة هما الأب والأمُّ، فإن كانا مؤمنَين ويخافان الله تعالى ويراقبانه كانت ذريَّتهما كذلك عادةً، وإن لم يكونا مؤمنَين ولا يخافان الله تعالى ولا يراقبانه كانت ذريَّتهما كذلك عادةً، وإنَّما تتكوَّن الأسرة وتحصل بالزواج.
ومن ثَمَّ شغل الزواج مساحة واسعة في الشريعة الإسلاميّة، في الآيات القرآنية، وأحاديث المعصومين (عليهم السلام)، من حيث بيان أحكامه وثمراته ودوره في بناء المجتمعات الصالحة، إذا جرى وفق الشروط المطلوبة فيه، حتَّى ورد أنَّه: «ما بُنِيَ في الإسلام بناءٌ أحبُّ إلى الله من التزويج».
وينبغي أن يكون الزواج في أوَّل مرحلة الشباب، ولا يحصل فيه تأخير؛ لما في الأوَّل من ثمرات طيِّبة، وفي الثاني من عواقب سيِّئة.. وفوائده تتجلَّى في الأمور الآتية:
١- هو أنسٌ للإنسان ومتعةٌ، أحلَّها الله تعالى له؛ إذ به يحصل له السَّكن النفسيُّ والبدنيُّ، والمودَّة والرحمة مع الطرف الآخر، قال تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾ (الروم: 21).
٢- وهو باعثٌ على الجدِّ في العمل، ومُوجبٌ للنشاط والهمَّة العالية، وهو أمرٌ واضح بالوجدان، فالمُتزوِّج إنسان جادٌّ في عمله، وحيويَّته أكثر من حيويَّة غير المُتزوِّج.
٣- وهو مُوجبٌ للوَقَار والهيبة، والشعور بالمسؤولية، وهو أمرٌ مشهود بالعيان، فالمُتزوِّج يسعى دائمًا إلى توفير حياة كريمة له ولزوجته ولأولاده، ويدفعه إلى ذلك شعورُه بكونه رجلًا مسؤولًا، وكذا الزوجة تشعر بمسؤوليتها عن زوجها وأولادها.
٤- وهو مُوجبٌ لاستثمار الطاقات ليوم الحاجة، فالزواج خير موضوع لذلك.
٥- وهو وقاية للإنسان من الوقوع في أودية الانحراف والرذيلة، فيسلم من كثير من المعاني الممنوعة والوضيعة؛ إذ المُتزوِّج عادةً يكون في سلامة من الانحراف الناجم من ترك الزواج، لا سيَّما إذا كان يعيش ضمن مجتمع يعجُّ بالانحراف الخُلُقيِّ والسلوكيِّ في كثيرٍ من جوانبه ونواحيه، حيث التبرُّج والاختلاط والأفعال المنحرفة، فالزواج حافظ لسلوك الإنسان ودينه من الانحراف، حتَّى ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): «مَنْ تَزَوَّجَ فَقَدْ أَحْرَزَ نِصْفَ دِينِهِ» (أمالي الطوسي: ٥٤٨).
٦- وهو قبل كلِّ ما ذُكر سُنَّةٌ حياتيَّة لازمة، بل من أوكد سُنن الحياة، بل هو فطرة فُطرت نفس الإنسان عليها، وما امتنع إنسان عنها وحرم نفسه منها إلَّا وقع في محاذير كثيرة وجسيمة، وابتُلي بالخمول والتكاسل.
__________________________________________
2025-12-14