التراحم والتواصل بين المسلمين وأثرهما في تماسك المجتمع
2024/06/13
189

إنَّ من الخصال الحسنة والأخلاق الحميدة التي يتصف بها الإنسان هي: التّراحم بينه وبين الآخرين والتّواصل معهم في السَّرَّاء والضَّرَّاء، والتعاطف والمحبَّة فيما بين المُسلمين، فالمتتبّع لهذا الموضوع يرى أنَّ التَّراحم والتَّواصل من الأولويَّات الأخلاقيَّة التي جاء بها الدِّين الإسلامي وأمر المسلم التَّحلِّيّ بها.

فالرحمة هي من صفات الله تعالى، وكتبها على نفسه، وهذا ما نجده في كتابه الكريم منها قوله تعالى: (قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ)..
وقال تعالى أيضاً: ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)..
فمن هذه الآيات القرآنية نفهم أنَّ الله سبحانه جعل الرحمة والمغفرة سابقة لكل شيء، وعليه لا بد من أن يكون المسلم متحلّياً بها، وذلك إنّه كيف يكون الخالق عزَّ وجلّ، كتب على نفسه الرَّحمة ولا يكون عباده رحماء فيما بينهم؟

والأحاديث النَّبويَّة الشَّريفة الواردة عن النَّبيّ مُحَمَّد (صلَّى الله عليه وآله)، وكذلك الواردة عن آل بيته الأطهار (عليهم السَّلَام)، التي تحثُنا أيضاً على التَّحلِّي بصفة الرَّحمة والتَّراحم والمسامحة والتَّواصل فيما بيننا، وتناسي الأخطاء التي تصدر من بعضنا تجاه البعض الآخر، وذلك لما لهذين الأمرين من أثرٍ نفسيٍّ على الفرد الآخر.

وأن يكون الفرد رحيماً شغوفاً، ليس فقط مع أفراد عائلته وعطفه وتوسعته عليهم، بل مع الجميع ويكون على تواصل مستمر معهم قدر الإمكان، وذلك لأنَّ للتواصل دورًا بارزًا في تقوية العلاقات الاجتماعية بين الأفراد. 

 ومن آثار التراحم أن الله سبحانه وتعالى ينزِّل رحمته على الذي يرحم النَّاس، وهذا ما وروي عن رسول الله (صلَّى الله عليه وآله)، إذ إنَّه قال: (والذي نفسي بيده لا يضع الله الرحمة إلا على رحيم)، نفهم من الحديث الشريف، أَنَّ من يقف مع إخوانه المسلمين الآخرين في الحزن والفرح ويساعدهم إن احتاجوا شيئاً وهو قادر على المساعدة وإعانتهم على متاعب الحياة، وزيارتهم ويتواصل معهم في كلّ وقت إن استطاع، وأن يتعامل معهم على وفق تعاليم الدّين الإسلامي، وهو الذي يدعو إلى التَّراحم بين المسلمين ليتناسوا ما حصل فيما بينهم إن حصل شيء ما مثلاً، وليغفروا لبعضهم ويتسامحوا، فالتراحم والتواصل والمسامحة والتَّودد للآخرين، من أحد الأسباب التي تؤدِّي إلى نزول الرَّحمة على العبد المسلم الملتزم بأخلاق الدين الإسلامي وتعاليمه، وما أتت به الدَّعوة الإسلاميّة.

حبّ الله (عزَّ وجل) للفرد ذي القلبِ الرّحيم على الآخرين ورضاه عنه: وهذا ما رواه أمير المؤمنين الإمام عَلِيّ بن أبي طالب (عليه السَّلَام): قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله): (إِنَّ الله عزّ وجّل رحيم يحب كل رحيم)، أي أنَّ الإنسان المسلم الذي يملك الرَّحمة في قلبه لأخيه المُسلم الآخر، كسب رضا الله تعالى بفعله هذا، لأنَّه تحلَّى بصفةٍ ربَّانيَّة وعمِل بها مع أفراد مجتمعه المُسلم. 

ينتج عن التراحم والتَّواصل بين المسلمين، وتعاطفهم فيما بينهم، وتذاكرهم أمر آل بيت المُصطفى (صلَّى الله عليه وآله)، في مجالسهم هذه، ما يدلّ على أنَّهم قاموا ما أُمِرُوا به من واجبٍ مشروع عند تواصلهم وعقد مجالسهم واجتماعهم، وكذلك يترتَّب لهم أجرٌ عظيم عند الله ويحظون برضاه ورضا نبيِّه الأكرم (صلَّى الله عليه وآله)، وآل بيته الأطهار (صلوات الله عليهم أجمعين).  

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: إذاعة الكفيل - برنامج ميزان التفاضل - الحلقة الحادية عشر - الدورة البرامجية 79.

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا