الترند والخصوصية العائلية!!
2024/04/27
424

قال الله تعالى في محكم كتابه العزيز: ﴿يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ﴾ (الأعراف: 26).. إن واحداً من معاني لباس التقوى وخصوصاً في هذه الآية الكريمة: (الحياء) (يُنظر: تفسير الميزان: 8/36).

وقد روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال: «إن لكل دين خلقاً، وإن خلق الإسلام الحياء» (كنز العمال: 5757)..
أننا نعيش في زمن بات فيه الفضاء الإعلامي يقدم لنا لوحة متباينة من المحتويات، منها الراقي ومنها ما يدور في فلك الهبوط الأخلاقي، وفي قلب هذا الزخم الإعلامي يبرز نوع من المحتويات التي تحكمها سوأة الخصوصية؛ ألا وهي عرض لحظات خاصة بين العائلة؛ كالتصوير أثناء الأكل، أو التنزه أو حتى الحوارات بينهم، والتي غالباً ما تقدم في قالب يفتقر للذوق العام وبعيد عن الدين والمروءة والحياء.

من الواضح أننا نسير في مسار تتساقط فيه القيم الأصيلة تحت وطأة رغبات الشهرة والانتشار الواسع، فلا عجب من امتلاء المنصات بصور وفيديوهات تقتحم خصوصيات تلك العلاقة المقدسة بين العوائل، وتجعلها متاحة للعيان، وكما أن لكل محتوى هابط أيادٍ مغرضة، فإن هذه الظاهرة تجد لنفسها جمهوراً يتلقفها، متناسياً أن مثل هذه المحتويات تؤسس لثقافة الإسفاف وفقدان الهيبة وهتك الخصوصية.

إن الانسلاخ التام عن جوهر القيم الدينية والقواعد الأخلاقية يصور التفاهة باعتبارها رمزاً للحداثة، وهو ما يُستغرَب حقاً، فالتصوير في اللحظات الخاصة بين العوائل والأفراد يجب أن يظل في إطار يحترم به الحياء والتقاليد الأسرية. نعم، قد يكون التفاعل الاجتماعي أمراً مرغوباً من ثقافة الرقي الاجتماعي الحضاري، ولكن ليس على حساب الخصوصية والستر، مثل ما هي عليه اليوم.

نسأل الله السلامة والهداية والمحافظة على الخصوصية التي يجب أن تتسم بها حياة كل إنسان، بعيداً عن أعين الفضوليين والأضواء.

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نشرة الخميس/ نشرة أُسبوعيةٌ ثقافيةٌ (مجانية) تصدر عن العتبة العباسية المقدسة/ العدد 981.
الشيخ حسين التميمي

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا