الإصغاء مع التكنولوجيا الحديثة
2024/02/17
321

نعلم أن التكنولوجيا عالم غير محدود وغير متناهي، فكيف سيرتحل بين وديانه الإصغاء؟
عندما يكون الإصغاء موجها بشكله الصحيح حين نستخدم التكنولوجيا الحديثة سيما الهواتف الذكية والألواح سيجري في واديه المطلوب، ويصب في المصب المحدد أيضا، لكن يحدث التفرع والتشتت حين تتفرع المنابع والوديان..
إذن سلسلة الإصغاء والتي من المفترض أن تتأصل بين حلقاتها الأساسية تتقطع غالبا بسبب عامل قوي وهو عامل خطير بل يد خفية تحمل كل عتاد يفتك بهذه السلسلة لكن هل يمكن لهذه اليد أن تكون يدا خضراء تجعل سلسلة الإصغاء متماسكة متنامية ومثمرة..

على كل الأصعدة تكنولوجيا الاتصال هي سلاح ذو حدين في الأسرة في العمل والمجتمع ككل وهكذا.. فمثلا على مستوى الطفولة؛ يمكن للأم إدراج ألعاب تعليمية في جهازه طفلها الخاص هاتفا كان أو لوح الكتروني، توجه إصغاء الطفل الى دروس تعليمية وإلى تطبيقات تنشط وتحفز التواصل باستماع جيد مع الالتزام بالمدة الزمنية المحددة لاستخدامه، شرط أن لا يزيد عن وقته المحدد فكل زائد هو أخ للناقص، كذلك الشباب والمراهقون حين يُوجَّه إصغاؤهم خارج أوقات المذاكرة والدوام إلى المنصات الالكترونية التعليمية بشكل منظم، سيعزز ذلك من ترسيخ دروسهم الاعتيادية بل ويزيد من ثقافتهم ومداركهم وأفق تطلعاتهم، وبالتالي تقوية مستوى الطلاب التعليمي، ويلفت انتباه أولئك الذين يتشتت تركيزهم في بعض الحصص الدرسية والمحاضرات التعليمية فيتلافون ذلك عند متابعة التطبيقات التعليمية الموجهة، سيما في الورش التعليمية وورش الزوم المعقودة بين الطلاب والمعلمين.

في بعض الحالات المرصودة لدى أحد المراكز الأسرية هنالك عدد من الأزواج يصعب التواصل بينهما بالحوار المباشر، لكنهما عندما يتحاوران في إحدى التطبيقات الإلكترونية على هواتفهم قد يصغي أحدهما إلى الآخر بشكل أفضل من الواقع لعدة أسباب قد يكون أحدها الخجل أوعدم الجرأة الكافية على المواجهة في بعض قضاياهم، أو بسبب عيشهم مع عائلة أهل الزوج الكبيرة وعدم توافرالأجواء الخاصة بشكل دائم، وكثير من الأسباب من هذا القبيل والتي تحبط الإصغاء الجيد في الحوار فهذا مقبول نوعا ما.

هنالك عدة أمثلة تبرهن الناحية الإيجابية للإصغاء باستخدام وسائل التواصل العصرية: 
فمثلا قد يصعب خروج بعض الأشخاص من المنزل لحضور محافل قرآنية أو أدعية أو محاضرة للاستفتاءات الشرعية أو أعمال دينية في ظروف جوية سيئة كيوم ممطر موحل أوعندما يكون الشخص مصابا بعارض مرضي ما، لكنه يستطيع أن يستمع لها بل ويشارك بها عبر البث المباشر في المحافل التي تبث بمواقع التواصل بشكل آمن وفعال، وعبر تطبيقات الهاتف، وبإصغاء جيد. 

لكن من الأمورالتي تسبب خطرا على الإصغاء في ظل التكنولوجيا الحديثة اليوم؛ وفي مجتمع يدمن معظمه على مواقع التواصل والأجهزة اللوحية بما فيها من ألعاب وتطبيقات للتواصل الاجتماعي، يصعب أن يصغي الطفل إلى أمه أو أبيه أو معلميه والزوجان إلى بعضهما والأسرة فيما بين أفرادها ككل وو....الخ.

ومن الأمثلة على ذلك:
الاستخدام غيرالمنطقي لمواقع التواصل والذي بات اعتياديا اليوم أن يتحدث أفراد الأسرة المتواجدون في منزلهم بنفس الوقت، عبرأجهزة الهاتف وتطبيقاتها الالكترونية، لتوفير الجهد الجسدي وتوفير الحديث، مع أن المتحدثين تحت سقف واحد، وكذلك يصبح وصل الرحم عبر مكالمات الفديو، مع أنهم ببلدة واحدة، فكيف سيصغي الابن إلى والديه وهمومهما ومشاعرهما، وكيف يصغي الأجداد إلى قصص أحفادهم الصغار وضحكاتهم الدافئة، وحكاياتهم عن مغامراتهم اليومية، هنا تكمن مساوئ التكنولوجيا الحديثة، ومن المؤسف أن نعترف نحن البشر أننا صنعنا أجهزة التواصل الحديثة للتقريب فباتت تبعد القريب.

لا ننسى بعيدا عن كل ذلك ضروري أن يكون لكل منا بشكل دوري، مدة زمنية كافية للإصغاء إلى المحادثات الجماعية ضمن العائلة أو مع الأصدقاء، وكذلك الإصغاء إلى الطبيعة من حولنا بعيدا عن ضوضاء الأجهزة الالكترونية وذلك بنزهة عائلية أو نزهة في الحدائق والبساتين، لتعزيز الاستماع والانتباه وبالتالي الإصغاء الفعال.

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: إذاعة الكفيل - برنامج إصغاء ورحلة بناء - الحلقة التاسعة - الدورة البرامجية 77.

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا