مطامح الأب لولده
2024/02/05
448

أيّها الأب العزيز ما أراك إلّا وأنت تطمح أن يكون ولدك طيّباً، وديعاً، وفياً، وصادقاً معك في القول والعمل.
وما أراك إلّا وأنت تتمنّى أنْ يكون ولدُك مستفيداً من تجاربك وخبراتك في الحياة، وأنْ يقبل نصيحتك.
وما أراك إلّا وأنت تتمنّى أن يكون ولدك متفانياً في طاعتك مخلصاً لك في السرّ والعلانية.
وما أراك إلّا وأنت تتمّنى أن يكون ولدك مدركاً أنّ غضبك عليه حبّ وليس انتقاماً، وأنّ عقوبتك له حرص على تربيته.

أيّها الأب العزيز ما أكثر الأماني والمطامح في نفسك، وكلها إيجابيّة مشروعة، لكنّها تتوقف على التزامك المنهج الصحيح للتربية والأسلوب الصحيح للتعامل مع ولدك، حتّى تحمله على برّك بما يؤدّيه لك من حقّ الالتزام والبرّ والإحسان والطاعة في أمور الدّين، فقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «رحم الله مَن أعان ولده على برّه» (الكافي: ج6/ص51).

وذلك من خلال الأداء الصحيح لمنهج التربية والتوجيه كما أرشدك إلى ذلك الإمام زين العابدين (عليه السلام) في رسالة الحقوق بقوله:
«وأمّا حقّ ولدك عليك أن تعلم أنّه منك ومضاف إليك في عاجل الدنيا بخيره وشرّه، وأنك مسؤول عمّا أوليته من حسن الأدب والدلالة على ربّه عزّ وجلّ، والمعونة له على طاعته فيك وفي نفسه، فمثابٌ على ذلك ومعاقبٌ، فاعمل في أمره عمل المتزيّن بحسن أثره عليه في عاجل الدنيا، المعذّر إلى ربّه فيما بينك وبينه بحسن القيام عليه والأخذ له منه ولا قوة إلا بالله».

أيّها الأبُ العزيز إنّك دليل ولدك على ربّه، ومعينه على طاعته فيك وفي نفسه، فما أشرفها من رسالة أُلقِيت إليك، وعليك أن تفخر بتكريم الله عزّ وجلّ لك، أن جعل طاعة ولدك له من طاعته لك، فأنت على ذلك مثاب؛ لأنّك سبب للطاعة، ومعاقب إن كنت سبباً في المعصية. 

وأمّا أثره عليك في عاجل الدنيا، فإنه زينة لك بحسن أثره بعدك، فتُضاف إليك محاسنُه إنْ أحسن، وتُنسب إليك مساوئهُ إنْ أساء؛ لأنّه جزء منك، كما قال أمير المؤمنين (عليه السلام) لولده الإمام الحسن (عليه السلام): «بني، وجدتك بعضي بل وجدتك كلي..» (تحف العقول: ص69).

ولأجل إصلاح هذا الجزء الملتحم بك التحام الظل بالشمس، يدعوك الإمام السجّاد (عليه السلام) أن ترفع يديك إلى ربّك، ليعينك على صلاح ولدك، بأنّ تقول: «اللّهم واجعلهم أبْراراً أتقياء، بصراء سامعين مطيعين لك، ولأوليائك محبّين مناصحين، ولجميع أعْدائك معادين ومبغضين» (الصحيفة السجّادية).

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نشرة الخميس/ نشرة أُسبوعيةٌ ثقافيةٌ (مجانية) تصدر عن العتبة العباسية المقدسة/ العدد 969.
الشيخ عبد الرزاق الأسدي


تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا