إن الزواج هو مشروع قرآني إذا بني على أسسه الصحيحة فهو يحقق حالة من التكامل البدني والروحي، وتحقيق مثل هذه الأهداف لا تتم عن طريق الثروة أو القوة والعنف وإنما من خلال الانسجام والمحبة وحسن النوايا. فالزوجان ينتجان مجتمعا صغيرا وبالتالي ينبغي الأخذ بعين الاعتبار بهذا المجتمع.

وما أكثر أولئك الذين يمكنهم تحقيق سعادتهم غير أنهم يجهلون الوسائل اللازمة لذلك، كذلك الذين يعيشون حالة السعادة ولكنهم في غفلة عنها، فالزواج لا يعني إلغاء الفوارق والاختلافات بين الرجل والمرأة بل يتطلب السعي لخلق أرضية مشتركة بينهما يمكنهما من خلالها بناء أسرة سعيدة وعش هادئ يغمر أطفالهما بالدفء والحنان.

إن انسجام الفكر والرؤية المشتركة للحياة هما الأرضية الصلبة التي يمكن أن ينهض فوقها البناء العائلي، وهما المناخ السطحي الذي يمكن للأسرة أن تتنفس فيه وتعيش، وهذه المسألة لا تنشأ اعتباطاً بل إن هنالك خطوات لازمة ينبغي اتباعها لتحقيق حالة الانسجام بين الزوجين منها السعي لاكتشاف الآخر حيث أن اختلافات البيئة والظروف التي نشأ فيها الزوجان له أثره الكبير في خلق أذواق مختلفة وسلوك ومواقف متفاوتة ولذا ينبغي على الزوجين تفهم هذه الحالة والسعي إلى معرفة وإدراك الطرف الآخر الذي يشاركه حياته ومن ثم التقدم خطوة إلى الأمام من خلال تقديم التنازلات للوصول إلى حالة من التفاهم المشترك.

إن العاطفة في الانسجام بين الزوجين لها دور كبير بينهما في تقاسم السراء والضراء حيث يحزنان معا ويفرحان معا ومن خلال هذا الانسجام تولد الألفة، فالزوج يحتاج الى محبة الزوجة وهي أيضا بحاجة الى عطفه فالعلاقة تكاملية شيء يكمل شيئا، ومن ثمرات الانسجام بين الزوجين هو التضامن والتعاون على حل خلافاتهما باعتبارهما شيئا واحداً وبذلك تتجسد أجمل صورة للحياة الزوجية حيث نرى أن الزوج والزوجة يواجهون الشدائد بروح عالية من الصبر والتحمل فعندما تقف الزوجة مع زوجها فإنه يشعر بالقوة والثقة اللتين تملأن نفسه، وعندما ترى الزوجة زوجها بقربها فإنها تشعر بالأمن والطمأنينة اللتين تغمران روحها وهذا الجانب يمثل جوهر العلاقة الزوجية، لأنهما يتصرفان باتجاه واحد حيال مؤثر معيّن، وأن يتعاونا على قطع مرحلة الحياة.. ولكي تكون العلاقة الزوجية منسجمة لا بد أن تكون قائمة على التفاهم والتضحية، والتجاوز عن الهفوات، وكلها أمور تساهم في جعل الانسجام أقوى ومن  ثمرات الانسجام القناعة المتبادلة بين الزوجين بما وفرته لهما الحياة من وسائل العيش فمن المهم أن يتفهم الشريك ظروف الشريك الآخر للحفاظ على حياة زوجية هادئة لا يشوبها الروتين والمللل.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: إذاعة الكفيل - برنامج عصب الوفاق - الدورة البرامجية 76 - الحلقة السابعة.