نعلم جميعا أن الحياة الأسرية حياة مقدسة وهذه القدسية لا يمكن حمايتها إلا بعفة الزوج والزوجة حيث أن العفاف يحيط بالأسرة ويحميها من مخاطر التفكك والانحلال، فصناعة أسرة طاهرة تعني نتاج مجتمع بعيد عن أشكال التلوث الاجتماعي والأخلاقي، فإن التقوى والعفاف تزيدان من أواصر العلاقة الزوجية والألفة والأنس بينهما.
ولا يمكن عدّ العفة ضرورة دينية فقط بل إنها ضرورة أيضًا حتى من وجهة نظر مادية، حيث أن الحياة تتطلب من الرجل والمرأة الالتزام بحدود العفة فالزواج امتلاك محبة الأزواج لبعضهما، والعفة معادلة دقيقة تحدد مسألة تكافؤ المحبة والإخلاص والأمانة بين الزوج والزوجة، والإخلال بهذه المعاني حتى لو كان من جانب واحد سوف يقلق هذه المعادلة.
حيث أن عفة الرجل هي التي تحمي امرأته من تجاوزات الأجانب وصيانتها من الأخطار، ولو لفتنا الانتباه إلى من هم في جرف الضياع والانحطاط فإننا نجدهم ضحية الانحراف والسقوط في هاوية الرذائل، لذا فإن مسؤولية العفة هي مسؤولية عامة وتهم الزوج والزوجة على حد سواء ولا تقف عند سنّ معينة بل تشمل حياة الإنسان كلها؛ لذا يعد العفاف نقطة مفصلية في الحياة، وفقدانه يعدّ من أهم أسباب انهيار الأُسر.
كذلك من العوامل المؤثرة في هذه النقطة الجوهرية هي الرغبة التي تأسر من تتخالج في نفسه وعندما تكون شرسة تأسر صاحبها ويكون بحالة يرثى لها في رغبته مسخرًا جوارحه في سبيلها تدور عيناه هنا وهناك وهو لا يعلم أنه يزيد همًا إلى همه وعناء إلى عنائه. وأحيانًا يكون بعض الرجال والنساء سذجًا في التفكير إلى حد التأثر بكلمات عابرة لا قيمة لها تقال في المجاملات غير الشرعية على الرغم من وجود الماكرين من الرجال الذين يستغلون سذاجة بعض النساء والايقاع بهن، ومن أجل كل ذلك أوصى الإسلام الإنسان المؤمن بصيانة جوارحه عن الحرام. فقد أمر الرجال بغض البصر وحفظ الجسم وأوصى النساء بالحجاب والستر والعفاف.
وكذلك من المُخلات في هذه الخصلة
التي كرّسها الإسلام بأحسن ما يكون هو سوء الظن فسوء الظن ديدان
تفكك أواصر الأسرة وقارضة لأسس البناء الأسري، فمن الأمور
التي تثير الشكّ بين الزوجين على سبيل المثال تردد بعض الأقرباء على
البيت على الرغم من النيات الطيبة له لكن سوف يثير غضبًا وشكًّا في
قلب الزوج أو الزوجة في حال جلوسه أو جلوسها معًا بالمكان نفسه، هذا
الخطأ الذي من خلاله يفتح باب المخالطة والمجاملة وذهب ضحيتها
الكثير من الأزواج؛ لذلك ينبغي تجنب هذه الاختلاطات ولو كانت مع بعض
الأقرباء لأنها ليست من العفاف وينبغي ألّا يضع الزوج أو الزوجة
نفسيهما في مواضع الشبهات بل عليهما أن يسعيا لتبديد ضباب الشكّ في
أذهان الآخرين واكتساب الثقة بينهما.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: إذاعة الكفيل - برنامج عصب الوفاق - الدورة البرامجية 76 -
الحلقة السادسة.
المشورة نافذة البصيرة وقوة الفكر
اقلام على خطى الزهراء (عليها السلام)