كم هو مؤلم أن يفقد الإنسان الحياة
وهو لا يزال حيًّا، كم هو صعب أن ينسى أحبّته وهو لا يزال بينهم،
وكم هو مؤلم أن ينسى عنوان داره الذي قضى فيه من عمره سنين طوالًا،
فيصبح كالطفل الصغير التائه الذي أفلت يد أمّه، كم هو قاسٍ أن
تتلاشى الذاكرة فتصبح هباءً منثورًا بعد أن ملأتها الحياة وتجاربها،
ويفقد المرء الإحساس بمَن حوله.. نتحدّث عن مرض يصيب كبار السنّ وهو الزهايمر،
وكثيرًا ما يتمّ الخلط بينه وبين الخرف، إلّا أنّ الزهايمر هو أحد
أنواع الخرف..
الزهايمر ليس جزءًا من عملية
التقدّم بالعمر الطبيعية، فعلى الرغم من أنّ هذا المرض يصيب غالبًا
كبار السنّ الذين تزيد أعمارهم على (65) سنة، إلّا أنّه قد يصيب
أيضًا الأشخاص الأقلّ عمرًا.
ما
الزهايمر؟
مرض دماغي ضموري متطوّر، يدمّر
خلايا الدماغ شيئًا فشيئًا، ومن ثم يؤدّي إلى فقدان الذاكرة وعدم
الانسجام العقلي، أي فقدان القدرة على القيام بالمَهامّ، والفهم،
والتعبير، وتفسير الأحاسيس، والتعرّف على الأشياء، وفقدان المقدرة
على التواصل، والتغيّرات في الشخصية والسلوك، والتغيّرات الجسدية،
ونقصد بالمتطوّر أي يمرّ بمراحل خمسة أو سبعة، بدءًا من نسيان أشياء
بسيطة، وتلكّؤ الذاكرة قصيرة المدى (short term memory)، وانتهاءً
بمرحلة الخَرَف والتدهور الإدراكي الشديد، إذ يفقد المريض قدرته على
الكلام، وبلع الطعام، وإفراغ المثانة، حتى القدرة على الحركة، وهي
مرحلة قاسية جدًّا على المريض وأهله ومَن يقوم برعايته، حيث يعتمد
اعتمادًا كلّيًا عليهم.
التشخيص
والعلاج:-
يبدأ التشخيص بدراسة التاريخ الطبّي
للمريض، والسؤال عن الأعراض التي يعاني منها، والتاريخ العائلي،
وكذلك إجراء فحوصات جسدية وتصويرية، كالرنين المغناطيسي
وغيره.
وأمّا بالنسبة إلى العلاج، فلم تصل
الأبحاث الطبّية إلى الآن إلى علاج ناجع وفعّال لشفاء هذا المرض
نهائيًّا؛ لأنّ موت خلايا الدماغ هو أمر لا يمكن عكسه، لكنّ الأدوية
التي سنذكرها هي خاصّة بتقليل ظهور الأعراض لمدّة أطول، كالأرق،
والقلق، والانفعالات، والاكتئاب، وهي تفيد في المراحل الأولية
والمتوسّطة.
أنواع الأدوية التي اعتُمدت
لإبطاء تدهور المرض:
1. مثبّطات
الـ(كولينستريز).
وتضمّ هذه المجموعة:
• (Donepezil (Aricept
• (Rivastigmine (Exelon
• (Galantamine (Razadyne
2. دواء (Mematine
(Namenda:
وهو أول دواء مصرّح به لعلاج
الزهايمر وليس للتقليل من أعراضه، ويعمل على تنظيم نشاط
الـ(جلوتاميت)، وهو مراسل كيميائي آخر بين خلايا التعلّم والذاكرة،
ويؤخّر الدواء بصورة مؤقتة من تطوّر المرض.
تتفاوت معدّلات تقدّم داء الزهايمر
تفاوتًا كبيرًا، ففي المتوسّط يعيش المرضى المصابون بالزهايمر بين
(٣ـ١١) سنة بين زيادة أو نقصان بحسب حالة المريض، حتى إذا فقد
أجزاءً من عقله وذاكرته، إلّا أنّ قلبه لا يزال ينبض ويشعر، لذا
فأنّ التعايش مع هذا الداء والتعامل اللطيف والمناسب مع المريض،
يخفّف من وطأته.
كما ورد عن النبيّ (صلّى الله عليه
وآله) أنّه قال: "مَن قام على مريض يومًا وليلةً، بعثه الله مع
إبراهيم خليل الرحمن، فجاز على الصراط كالبرق
اللامع"(1).
______________________________________
*المصدر: مجلة رياض الزهراء (مجلة
شهرية تختص بشؤون المرأة المسلمة تصدر عن قسم الشؤون الفكرية
والثقافية في العتبة العباسية المقدسة)/ العدد 196.
د. يمن سلمان سوادي
*(1) بحار الانوار:ج78 ،ص225.
الإمعة: حين يغيب الرأي وتتلاشى المسؤولية