إن أردنا الخير والتكامل لبناتنا
اليافعات، لا بُدَّ من معرفة الأسس العامة في تربية الأنثى حيث
اهتمت التربية الإسلامية واعتنت بالأنثى وأكَّدت على الاهتمام بها
على أساس المساواة في الحب والتعامل لإشعارها بإنسانيتها وبتساويها
مع الرجل في الإنسانية، فعن الإمام الرضا(ع) سأله رجل فقال: الرجل
تكون بناته أحب إليه منن بنيه؟، فقال(ع): «البنات والبنون في ذلك
سواء»، والأكثر من ذلك نرى أنَّ الإسلام حبَّبَ البنات للآباء فعن
الرسول(ص): «خير أولادكم البنات»وكثيرٌ منّا من سمع حديث الإمام
الصادق(ع) حيثث يقول: «البنات حسنات والبنون نعمة، وإنَّما يُثاب
على الحسنات ويُسأَل عن النعمة»، وهكذا تحثّ التربية الإسلامية
الوالد على حب البنت وإكرامها لتمتلئ نفسها بهذا الإحساس ويشعر
أخوها الذكر في البيت بهذه المساواة ويستوحيها من أجواء التربية
البيتية ولتنشأ الأنثى في ظل أجواءٍ نفسية وتربوية تعدها للمستقبل
والحياة الاجتماعية والتعامل مع الآخرين بوحي من تلك القيم التي
تدعم شخصيتها وتشعرها بالثقة في النفس مما يجعلها صلبة أمام الرغبات
وأهواء النفس.
وانطلاقاً من كل ما أسلفنا ومن تلك
الأسس الفكرية العامة هناك أمور يجب أن يأخذ بها المنهج التربوي عند
تربية الفتاة ومنها إعدادها كأمٍّ وربَّة بيتٍ وزوجة.
ومن مسؤولية التربية والتعليم أن
تُزوَّد الفتاة بالثقافة والمهارات اللازمة لهذه المسؤولية، لتتمكن
من إعداد أطفالها على أسسٍ نفسية وعلمية وصحية سليمة لتمدّ المجتمع
بعناصر حية قوية وسليمة قادرة على السلوك الصحيح، ولا يكون ذلك إلا
من خلال مدّ الطفل بالعطاء والحب والعطف والحنان وعلى العكس من ذلك
عندما يشعر الطفل بعدم وجود من يهتم به سيؤدي ذلك إلى انحرافاتٍ
نفسية خطيرة تقود الطفل إلى القسوة واللامبالاة والشعور بالنقص، ومن
الجدير بالذكر أنَّ وجود المرأة في البيت وعنايتها بأطفالها لا
تنعكس آثاره التربوية السليمة على الأبناء وحسب بل وله انعكاساته
النفسية المباشرة على سعادة الزوج واستقرار الأسرة، كما له آثاره
على قدرة الرجل على الإنتاج المادي وهذا لا يعني أنَّنا نحصر المرأة
بين أربعة جدران بل يجب أن تراعي المرأة تربية أبنائها عند وجود
الوظيفة في حياتها وتراعي إشباعهم بالحب والحنان وإعطائهم الوقت
الكافي لمعرفة حاجاتهم ومتطلباتهم النفسية وحلِّ مشاكلهم والعقبات
التي تواجههم في مراحل حياتهم ولاسيما البنات منهم؛ لأنَّ الفتاة
بطبيعتها إنسانة عاطفية وتحب الاحتواء من قبل الآخرين، فإن لم تجد
ذلك وحُرِمَت منه فستلجأ لتعويض ذلك أما بالطرق غير المشروعة أو
بالصداقات النسوية السيئة أو أن تكون شخصية سلبية وانطوائية في
المجتمع غير منتجة وذات عُقُدٍ نفسية وبالتالي ستكون بالمستقبل غير
قادرة على إعطاء الحنان والحب لزوجها ولأطفالها خصوصاً؛ لأنَّها
حُرِمَت منهما فـ «فاقد الشيء لا يُعطيه».
وهذا يدلل لنا ما لأهمية تربية
الفتاة كأمٍّ وزوجة مُحِبّة وحنونة ومديرة لشؤون أسرتها إضافة إلى
التربية الفنية والجمالية لما لذلك من آثارٍ نفسية واقتصادية على
حياة الأسرة كالزخرفة والرسم والخياطة والتطريز وإعداد الطعام
واقتصاد البيت وتنظيم المنزل، ولم يفرِّق الإسلام بين الرجل والمرأة
أو الفتى والفتاة في حق التعلم ونوع العلوم التي يصح أو يجب
تعلمّها، فللمرأة كما للرجل من حقِّ تعلّم أي نوع من أنواع العلوم
كالطب والهندسة والكيمياء والفلك والرياضيات والزراعة وفي مقدمتها
العلوم الدينية والفقه والعقيدة ليساعدها ذلك في تنشئة وتربية
أبنائها التربية الصحيحة والنافعة لهم وللمجتمع.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: برنامج بذور الصلاح
- الحلقة السابعة- الدورة البرامجية 34.
المرأة بين الزيف والضياع.. فما الحل؟!