قد لا يصعب على الرجال الأشداء كسر القوارير الرقيقة.. ولكن هنالك أمران ليسا باليسيرين ولربما شبه المستحيلان..

الأول: ألّا يتمكن أحد هؤلاء الرجال من إعادة تركيب ما تشظى من تلك الأجزاء الشفّافة المبعثرة..
وإعادتها لسابق عهدها حتى وإن ألصقها ببعضها وأعاد كلّ جزءٍ الى مكانه وموضعه الذي كان فيه..
فإنّ آثار ذلك الكسر ستبقى واضحة عليها لرقتها وشفافيّتها.

الثاني: لا يتمكّن أحدهم من الإمساك أو وضع اليد على أي قطعةٍ منها..
لأنها ستكون في غاية الخطورة.. وهي بذلك الحال..
فهي جارحة.. قاطعة.. وربما مميتة. 

بلى.. جاءت التوصيات بتلك القوارير.. فهذا نبينا الأكرم(صلى الله عليه وآله) يوصي فيقول كما ورد في حديثه في رواية البراء بن مالك: «رويدك، رفقاً بالقوارير..»، وأراد بالحديث النساء فشبههنّ بالقوارير من الزجاج. (بحار الأنوار: ج 16/ص297). 
إنّ الحكمة الإلهيّة تقتضي أن تكون العلاقة بين الأزواج بالصورة التي رسم معالمها الباري سبحانه وتعالى..
ومن مقتضياتها أن تكون مطابقة لآداب الشريعة السمحاء، والتي لها أكبر الأثر على الأزواج والذريّة في ذات الوقت فلا تخرج عن إطار تلك الآداب..
فإذا حدثت مشكلة، أو جفوة، أو هفوة فعلى أحدهما أن يبادر الآخر بالاعتذار أو المسامحة.. والرجال أولى بذلك كون المرأة كما تفصح مقدمة المقال رقيقة المشاعر، مرهفة الإحساس، جيّاشة العواطف، سريعة التأثر والتأثير..
وللإنصاف، لا فرق بين الرجل والمرأة في أمر الهفوات فكل ابن آدم خطّاء، وخير الخطائين التوابين..
فاللّحمة فطريّة، والمودّة إلهيّة، والغاية سامية.. ولكن لا يتوقع كلّ منهما الحالة المثاليّة من المقابل فالكمال لله عز وجل فقط فعلى كلّ منهما سد الخلّة للآخر.. ومراعاة ما يقوّي تلك العلاقة والأواصر فيما بينهما.. كتبادل الهدايا في المناسبات الخاصّة.. وغيرها من الأمور التي تُبقي حبل المدّة سليماً، ووثيقاتٌ عُراه.. والباري سبحانه وتعالى يأمرنا بعدم نكران الجميل أو نسيان الفضل.. فيقول: ﴿وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّـهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ (البقرة: 237).

___________________________________
المصدر: نشرة الخميس/ نشرة أسبوعية ثقافية تصدر عن قسم الشؤون الفكرية والثقافية في العتبة العباسية المقدسة- العدد 613.
الشيخ علي السعيدي