عن عبد الله بن حماد البصري، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قال لي: إنّ عندكم -أو قال: في قربكم- لفضيلة، ما أوتي أحدٌ مثلها، وما أحسبكم تعرفونها كنه معرفتها، ولا تحافظون عليها ولا على القيام بها، وأنّ لها لأهلًا خاصةً قد سمّوا لها، وأعطوها بلا حول منهم ولا قوة، الا ما كان من صنع الله لهم وسعادة حباهم الله بها ورحمة ورأفة وتقدم.
قلت: جُعلت فداك، وما هذا الذي وصفت ولم تسمّه؟
قال: زيارة جدي الحسين بن علي (عليهما السلام)، فإنّه غريب بأرض غربة، يبكيه مَن زاره، ويحزن له مَن لم يزره، ويحترق له مَن لم يشهده، ويرحمه مَن نظر إلى قبر ابنه عند رجله، في أرض فلاة، لا حميم قُربه ولا قريب، ثم مُنع الحق وتوازر عليه أهل الردة، حتى قتلوه وضيّعوه وعرّضوه للسباع، ومنعوه شرب ماء الفرات الذي يشربه الكلاب، وضيّعوا حق رسول الله (صلى الله عليه وآله) ووصيته به وبأهل بيته، فأمسى مجفوًا في حفرته، صريعًا بين قرابته وشيعته بين أطباق التراب، قد أوحش قربه في الوحدة والبعد عن جدّه، والمنزل الذي لا يأتيه إلا مَن امتحن الله قلبه للإيمان وعرّفه حقنا.
فقلت له: جُعلت فداك، قد كنت آتيه حتى بُليت بالسلطان وفي حفظ أموالهم وأنا عندهم مشهور، فتركت للتقية إتيانه، وأنا أعرف ما في إتيانه من الخير.
فقال: هل تدري ما فضل مَن أتاه، وما له عندنا من جزيل الخير؟
فقلت: لا.
فقال: أما الفضل؛ فيباهيه ملائكة السماء، وأما ما له عندنا فالترحم عليه كلّ صباح ومساء. ولقد حدثني أبي أنّه لم يخل مكانه منذ قُتل من مصلٍّ يصلّي عليه من الملائكة، أو من الجن، أو من الإنس، أو من الوحش، وما من شيء إلا وهو يغبط زائره ويتمسّح به، ويرجو في النظر إليه الخير لنظره إلى قبره.
ثم قال: بلغني أنّ قومًا يأتونه من نواحي الكوفة وناسًا من غيرهم، ونساء يندبنه، وذلك في النصف من شعبان، فمن بين قارئ يقرأ، وقاصّ يقصّ، ونادب يندب، وقائل يقول المراثي!
فقلت له: نعم جُعلت فداك، قد شهدت بعض ما تصف.
فقال: الحمد لله الذي جعل في الناس من يفِد إلينا ويمدحنا ويرثي لنا، وجعل عدونا مَن يطعن عليهم من قرابتنا وغيرهم يهدرونهم ويقبّحون ما يصنعون.
(كامل الزيارات، لابن قولويه القمي (رحمه الله): ص324)
__________________________________________
قصة فضيلة زيارة الإمام الحسين (عليه السلام)