سلام داخلي
2025/03/30
41


العيدُ هو شمسٌ تشرق على قلوبنا بعد ليلٍ طويلٍ من الانشغال والضغوط، هو الزهور التي تنبت في أعماقنا، تُحيي جذور السلام الداخلي التي جفَّها الزمن، وكأن الأيام التي مرت كانت فصولًا صيفية حارّة، لا تهدأ فيها الرياح، حتى جاء العيد ليكون نسيمًا باردًا يطفئ حرارة النفس، ويمنحها مساحةً جديدة للتنفس والراحة.

في العيد، يُمكننا أن نُعيد ترتيب أفكارنا كما نُعيد ترتيب الزهور في الفازة، نزيل الأزهار الذابلة ونترك مكانًا للمشاعر الطيبة التي تنمو وتزدهر، هو لحظةٌ من الانزياح عن دوامة الحياة اليومية، حين يلتقي الزمان والمكان في نقطةٍ واحدة تُعيد لنا الشعور بالاتزان الداخلي، وكأن العيد هو الفاصل الذي يخفف من عسر الحياة، ويمنحنا فرصة للحلم من جديد.

في هذا الوقت، نحن جميعًا بحاجة إلى العناق النفسي الذي يعيد توازننا الداخلي، فكما يُعيد العيد تجديد الروابط بين الأحبة، كذلك هو فرصة لإعادة التوازن بين الروح والعقل، هو تذكيرٌ أن الحياة ليست مجرد سباقٍ لا يتوقف، بل هي محطاتٌ صغيرةٌ نلتقط فيها أنفاسنا، نعبرها لنشحن طاقتنا من جديد.

إن العيد يشبه في مظهره شجرةً معمرة، تنثر ظلالها الباردة على من حولها، تمنحهم الراحة والسكينة، ولا يقتصر عيدنا على الفرحة المشتركة، بل يتسع ليشمل تلك اللحظات التي نختلي فيها بأنفسنا، نحتفل بسلامنا الداخلي ونشكر ما لدينا من نعم.

العيد ليس فقط تذكيرًا لنا بالحب واللقاء، بل هو دعوةٌ لإعادة الاتصال بأنفسنا، لنخرج من رحم الروتين اليومي ونحتفل بتجدد أرواحنا، هو موسمٌ لتغذية العقل والجسد بالمحبة والسلام، لأننا لن نتمكن من بناء علاقات صحية مع الآخرين قبل أن نُعيد بناء علاقتنا بأنفسنا.

 

افياء الحسيني

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا