الأعين القريرة يوم القيامة
2020/08/28
2374

إن هناك رواية عن النبي (ص) تشير إلى أن كل عين باكية يوم القيامة الا ثلاث اعين فلنتعرف عليها من خلال حديث الرسول ص فقد ورد.. عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- أنه قال‏:‏ كلّ عينٍ باكيةٍ يوم القيامة إلاّ ثلاثة أعين: عينٌ بكت من خشية الله، وعينٌ غضّت عن محارم الله، وعينٌ باتت ساهرةٌ في سبيل الله).

 والبكاء عبارة عن عملية تفاعل باطني، وإلا هذه الدموع لا قيمة لها في حد نفسها.. فلو أن امرأة تقشر بصلاً، وذرفت دموعاً غزيرة؛ فإن ذلك لا يحرك ساكناً في الرجل.. أما أن تبكي من دون سبب، فلابد أن يكون لهذه الدموع رصيد.. ولهذا أحدنا عندما يرى إنساناً باكياً، يدفعه الفضول تارة، والشفقة تارة أخرى، أن يعلم ما هو سبب البكاء.. فهذا شيء متعارف!

 و يوم القيامة، هو يوم الحسرة والندامة: ما من إنسان -غير المعصومين- إلا وهو نادم يوم القيامة، فبمجرد أن يموت تبدأ ندامته : إن كان مطيعاً يندم لأنه لم يطع أكثر!.. وإن كان عاصياً يندم لأنه عصا!.. فإذن، الندامة لا تنفك من الناس، وهذه الندامة تبدأ من البرزخ ، من أول ليلة في القبر، ولا تنتهي إلا عند دخول الجنة .. فرب العالمين يُنسي بني آدم المزعجات، {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ}.. الغل مزعج في الجنة ، وكذلك الحسرة مزعجة، والندامة مزعجة.. لذا هناك احتمال قوي جداً، أن رب العالمين ينسينا ذلك. إن الكل متألم في ذلك اليوم، وعيونهم باكية، والبكاء بكاء متصل، ربما يستمر آلاف السنين.. ولكن هناك ثلاث عيون لا تبكي يوم القيامة:

 الاولى: (عينٌ بكت من خشية الله).. وهنا كلمة "الخشية" عبارة جداً غامضة، {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء}.. يستفاد من هذه الكلمة، أن هناك أمراً عظيماً، وهناك معرفة لمقام الربوبية.. والخوف شيء، والخشية شيء آخر..- {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ}.. فالخوف من مقام الله -عز وجل-، والبكاء من المقام؛ فيه كل شيء: فيه حب، وفيه خوف، وفيه رجاء، وفيه رغبة؛ كل هذه الأمور تجتمع، فتولد في النفس خشية.

الثانية: (وعينٌ غضّت عن محارم الله).. الانسان يجب أن يكون دأبه غضّ البصر عما حرّم الله عز وجل.. لا أن يغض بصره يوم ويبصر عشرا فهنا لافائدة من ذلك ولا يطلق عليه انه يغض البصر لان الذي يطلق عليه لابد ان يكون دائما يغض بصره .
 
الثالثة: (وعينٌ باتت ساهرةٌ في سبيل الله).. من مصاديق العين الساهرة في سبيل الله -عز وجل- المرابطون على ثغور المسلمين، يسهرون الليل؛ لئلا يباغتهم العدو.. ولكن ما المانع أن يتوسع المعنى؟.. مثلاً: من يسهر على قراءة مسائل شرعية، أو قراءة القرآن الكريم، أو التفسير؛ أي أنه يتعلم العلم في الليل.. أو من يجلس على سرير أبيه المريض في المستشفى، في غرفة الإنعاش.. أو من يأخذ أخاه المؤمن في جوف الليل إلى المستشفى؛ أليس كل هذه الأعمال سهراً في سبيل الله عز وجل!.. كل هذه إذا صدقت النية، سهر في سبيل الله عز وجل.. ولهذا في رواية طريفة قال رسول الله (ص): (لا سهر إلا في ثلاث: متهجد بالقرآن، وفي طلب العلم، أو عروس تهدى إلى زوجها)..وهذه كلها من مصاديق قول الرسول : (عين سهرت في سبيل الله).

 

 

 

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: برنامج منار السبيل- الحلقة العاشرة- الدورة البرامجية57.


 

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا