التعاطي العبادي التربوي البنائي مع الأشهرِ الكريمةِ
2025/01/26
38
التعاطي العبادي التربوي البنائي مع الأشهرِ الكريمةِ

الأشهر الكريمة (رجب وشعبان ورمضان) مَسارُ هُدى ومُعطياتُ استقامة:
1- يحسن بالمؤمنين، وخصوصاً طلبة العلم أن يستمعوا إلى خطبة المتّقين الشهيرة لأميرِ المؤمنين (عليه السلام)، ولو لمرّةٍ واحدةٍ في السنة، وحبّذا لو يستطيع الإنسانُ المؤمنُ حفظها وتحفيظها للناشئين.
2- إنَّ هذه الأشهر الكريمة هي الأشهر المنفردةِ بمزيدِ العنايةِ فيها مِن بين شهور السنةِ، وتكون العنايةُ فيها بالعبادةِ، وغايةُ العبادةِ هي الارتقاءُ بالإنسان مِن الأفق الضيّق في هذه الدنيا إلى أفقِ استحضار وجود الله سبحانه والدّار الآخرة بشكل أوسع.
3- تكمن مشكلة الإنسان الأصليّة في هذه النشأة في ضيق الأفق، ومعايشة أمدٍ وفضاءٍ محدودٍ، حيث ينظر في تقدير الأمور إلى الأمور العاجلة والعابرة، كما يحدث للإنسان كثيراً في مرحلة المراهقة أن ينظرَ إلى ما يشبع لذّاته ويرضي شخصيته عاجلاً، وقد لا يتأمّل المستقبلَ أو تداعيات أفعاله في المجتمع العامّ.
4- تتمثّل حقيقة العبادة إضافة إلى بُعدِ ذكرِ الله سبحانه وشكره والقرب منه، بالبُعد المعرفي، كما ورد في بعض الروايات في شأن قوله تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ﴾ (الذاريات: 56-57)؛ أي (ليعرفونِ).
5- إنَّ العرفانَ الصحيحَ ليس بحياكة الأوهام في معرفة الله سبحانه، وإنّما هو ما يُشتق من القرآن الكريم وسُنّة المعصومين (عليهم السلام)، والعرفان الذي يلغي المجتمعَ ويلغي النظرَ إلى الأيتامِ والنّاسِ والتواضع معهم، هو عرفانٌ مزيّف.
6- يقوم البناء المعرفي المستقيم بين العباد والخالق الله سبحانه على أساس علاقة الخوف منه والرجاء به، ومعاني تحصيل رضاه ومحبّته، وهذا التركيب البنائي هو ما دلّ عليه القرآنُ الكريم.
7- ما جاء في القرآن الكريم ونهج البلاغة والصحيفة السجّاديّة هو غاية العرفان القويم، وهو ما يُنبّه على رضا الله تعالى ومحبّته والخوف منه والرجاء به، بحيث يبني شخصية الإنسان المؤمن بتوازنٍ واعتدال.
8- هذه الأشهر الكريمة هي أشهر الاستثمار ورأسمال الإنسان المؤمن في هذه الحياة، وينبغي له أن ينظرَ فيها بنظرِ المتّقين، وبنظرِ النابهِ المتبصّرِ الخائفِ المترقّبِ على نفسِه.
9- وحيث نرجو حضورَ الفرجِ وحضورَ الإمام الحُجّة (عجّل اللهُ فرَجَه) لنستمع إلى شيءٍ من كلام المعصومين (عليهم السلام) وخطبهم ووصاياهم ونصحهم، ثُمّ لنرى أنفسنا ونختبرها ومدّعياتها!

(سماحة السيِّد الأُستاذ محمّد باقر السيستاني دامت بركاته)
✍️ تدوين: مرتضى علي الحلّي

__________________________________________

نشرة الخميس/نشرة أُسبوعيةٌ ثقافيةٌ (مجانية)، تتناولُ المعارفَ القُرآنيةَ، والعقائديةَ، والفِقهيةَ، والتاريخيةَ، والأخلاقيةَ، والتربويةَ، والاجتماعيةَ، والصحيةَ بأُسلوبٍ مبسّطٍ ومختصرٍ، تصدر عن العتبة العباسية المقدسة/ العدد 1020.
تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا