تعد الروابط البشرية من العلاقات
التكوينية المعقدة التي تحتاج إلى مهارة في إدارتها، مثلما أن لها
طرقا وأساليب تختص في بيانها المدارس التربوية، سواء الحديثة منها أو
القديمة، فضلا عما تتوارثه الأمم عبر الأجيال من قبل الآباء المصرين
على إرساء القواعد الاجتماعية التي غالبا ما تحدد بخطوط حمراء لا يصح
تجاوزها. هكذا سارت الأمور، وبكل بداهة استطاعت
أغلب التركيبات الإنسانية أن تكون مجتمعا تسوده قيم الأخلاق والفضيلة،
تدعمه في ذلك التعاليم السماوية التي أوصلها الله تعالى بلطفه، فبين
للإنسان البدائي كيف عليه أن يأكل، ويشرب، ويكتسي، متى ينام، ومتى
يستيقظ، وكيف يعالج نفسه عند إصابته بالمرض في مواطن
عديدة. أما الآن وفي عصر تطورت فيه
التكنولوجيا تطورا هائلا، وفرضت سطوتها على كل مفاصل حياتنا، فلابد من
سن بعض القوانين الاجتماعية التي تنظم العلاقة بين الآلة والبشر،
ومحاولة غرسها في نفوس الأبناء منذ الصغر، حتى نخرج بمنظومة تربوية
متكاملة، تستطيع إدارة هذه العملية بقدرات عالية قبل
الانهيار. ديدن العلاقات الاجتماعية هي السعي من
أجل الحصول على أكبر قدر ممكن من التواصل البناء الذي ينتهي بالإنسان
إلى تحقيق رغباته الروحية والجسدية، ومن أهم طرق التواصل معرفة لغة
الجسد، ومهارة الكلام، وإتقانه بلباقة محببة، ومعرفة توزيع النظرات،
وقبل ذلك كيفية الاستعداد من أجل لقاء اجتماعي ناجح، هذه الأصول
تتنامى عن طريق التجارب العديدة التي إذا ما بدأت منذ الصغر، فسوف
تحقق أكبر قدر من النجاح. عادة ما تمنع الأجهزة الإلكترونية،
والهواتف النقالة بخاصة من الانتفاع بتواصل ذي جودة عالية مع الآخرين،
إذ يشعر الطرف المقابل بالإهمال إذا ما انشغل جليسه بهاتفة طوال
الوقت، وهذا الأمر يشمل جميع اللقاءات مع الأصدقاء والأقرباء، أو أيا
كان نوع الاجتماع، مثلما أن هذا الأمر ينطبق على الأطفال أيضا، فما
معنى أن ينشغل الطفل بهاتفه طوال مدة زيارته لبيت جده، أو في بيته؟
فمن أكبر الأضرار على الأسرة أن ينشغل الصغار والكبار في عوالمهم
الافتراضية، تاركين وراءهم اللحظات التي يجب أن تتحول إلى ذكريات
خالدة في قاموس الأسرة لتتحول إلى لا شيء، هذا الأمر يقطع أواصر
التواصل، وينتهي بنا إلى مصاديق جامدة لا تعرف كيف تبني جسورا متينة
نعبر من عليها إلى عوالم الألفة والمحبة، وستعاني عندها البشرية من
الشح العاطفي، وستضمحل ينابيع المودة التي كانت تروي صحاري الوحدة
والوحشة. من هنا تتجلى الأهمية القصوى لترشيد
استخدام هذه الآلات عبر وضع بعض القواعد، كمنع استخدام الهاتف عند
اللقاءات الاجتماعية، وبالنسبة إلى الأطفال فهو عدم اصطحابهم للهاتف
النقال في أثناء الزيارات العائلية، مثلما يمكن في المناسبات
الترفيهية تعيين ساعات محددة تكون مخصصة بممارسة هذا النشاط
الإلكتروني، تترك بعدها الأجهزة في مكان بعيد. ___________________________________ رياض الزهراء / مجلة شهرية تختص بشؤون
المرأة المسلمة، تصدر عن مكتب المتولي الشرعي للشؤون
النسوية. العدد 212
تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري
تحدث معنا