إرث القيادة الفاطمية المستمر
تمثل الوقفات الفاطمية مدرسة
متكاملة للقيادة، تجمع بين القوة الروحية، الثبات على المبادئ،
والتضحية في سبيل الحق. تلك الوقفات لم تكن مجرد مواقف تاريخية، بل
هي إرث خالد يستمر تأثيره في الأمة الإسلامية حتى يومنا هذا. السيدة
الزهراء (عليها السلام) لم تكن قائدة زمنية فقط، بل قائدة أبدية
تلهم الأجيال عبر العصور في كيفية التمسك بالحق والعدالة، وكيف يمكن
للإيمان العميق أن يكون مصدر قوة لا ينضب في مواجهة التحديات. كانت
(عليها السلام) قائدة لا تقل حكمة وقوة عن رسول الله (صلى الله عليه
وآله)، بل كانت شخصية متممة لتلك القيادة العظيمة التي غيرت مجرى
التاريخ بوقوفها في وجه الظلم والطغيان. تلك السيدة استطاعت أن تلجم
كبار القوم وهي تدافع عن حقها في فدك وتلقي خطبتها التي هزت أركان
سلطتهم.
الزهراء (عليها السلام) أرست قواعد
القوة للمرأة المسلمة، وكانت صوت الحق الذي فضح ما حدث يوم السقيفة،
وأبطلت حجج الظالمين. لم تكن شخصية اعتيادية في التاريخ الإسلامي،
بل كانت مدرسة توارثتها الأجيال. تتفرد (عليها السلام) بمقامها
الملكوتي عن سائر نساء العالمين، فهي خلق فائز (عليها السلام) في
سباق الحياة الأبدية والمقام العظيم، وهي المفضلة عند الله وأهل
البيت، وهي السيدة المعظمة وأم للبشرية جمعاء، ومثال الفرد الصالح
والأم المثالية عبر العصور.
وهذا كله يؤكد محورية حياة الزهراء
(عليها السلام) في أن تكون مثالًا حيًا للإنسان ومنهجًا وسفرًا
خالدًا يجسد قيم الحياة والمبادئ لبني البشر لو أنهم يلتفتون. هذا
الإرث الفاطمي المستمر يذكرنا بأن الإيمان العميق بالله والثبات على
المبادئ يمكن أن يكونا مصدر قوة لتحقيق العدالة وتغيير المجتمع نحو
الأفضل.