الدلال: هل دلال الأبناء خطأ أم المبالغة فيه؟
2024/09/09
305
الدلال: هل دلال الأبناء خطأ أم
المبالغة فيه؟
زهراء حسين
في المجتمعات الحديثة، تثار الكثير من
التساؤلات حول مفهوم الدلال، هل هو ضروري لنمو الطفل بشكل صحي؟ أم أن
الإفراط فيه قد يسبب آثارًا سلبية على المدى البعيد؟ تعتبر العاطفة
والحنان جزءًا مهمًا في تربية الأبناء، فهي تعزز من مهاراتهم
الاجتماعية وتمنحهم الشعور بالأمان والاهتمام. ومع ذلك، حين يتحول هذا
الدلال إلى حماية مفرطة والدفاع عن الأخطاء، يصبح الأمر أكثر
تعقيدًا.
أين يكمن الخلل؟
الخلل يكمن في الموازنة. ليس هناك شك
في أن الأطفال بحاجة إلى الحب والحنان ليشعروا بالأمان العاطفي. ومع
ذلك، حين يبالغ الوالدان في تدليل أطفالهم، ينشأ الطفل على اعتقاد
بأنه فوق المساءلة. يخطئ الطفل، ويتدخل الوالدان سريعًا للدفاع عنه
وتبرير أفعاله، مما يعزز لديه شعورًا بالاستحقاق المطلق، وكأن العالم
يدور حوله.
هذا النوع من التربية، الذي يرفع عن
الطفل مسؤولية أفعاله، قد يؤدي إلى تربية جيل غير مسؤول، يفتقر إلى
القدرة على مواجهة التحديات الحياتية، ويتوقع أن تُحل مشاكله من قبل
الآخرين دائمًا.
الدلال بين المنفعة
والمفسدة
هناك فرق كبير بين الحنان الضروري
لتكوين علاقة صحية مع الأبناء، والدلال المفرط الذي يفسد عليهم القدرة
على الاستقلال. الدلال المعتدل يساعد في بناء شخصية متزنة، بينما
الإفراط في الدلال يخلق طفلًا يعتمد كليًا على الآخرين. ينشأ الطفل
المدلل على شعور بالأنانية، غير مستعد لتحمل المسؤولية أو مواجهة
المصاعب.
حين يدخل هؤلاء الأطفال عالم الكبار،
يواجهون صعوبة في تكوين علاقات اجتماعية صحية أو في تحمل مسؤولياتهم
الشخصية. يجدون أنفسهم غير قادرين على اتخاذ قرارات مستقلة، ويفتقرون
إلى الثقة بالنفس والإدارة الذاتية.
هل أخطأنا في مفهوم
الحنان؟
الحنان والدلال ليسا خطأ بحد ذاتهما،
لكن الخطر يكمن في الطريقة التي يتم بهما التعامل. التربية السليمة
تتطلب أن يكون هناك توازن بين الحنان والانضباط. لا يمكن للوالدين
السماح لأبنائهم بالتصرف بحرية مطلقة دون مساءلة، لأنهم بذلك يرسخون
لديهم عادات سيئة قد تستمر معهم طيلة حياتهم.
الطفل الذي يشعر بالحنان والاهتمام
يكون أكثر استعدادًا للتفاعل الاجتماعي وتكوين صداقات صحية. ولكن، يجب
أن يعرف هذا الطفل أن هناك حدودًا للتصرفات غير اللائقة، وأن لكل خطأ
عواقب. بهذه الطريقة، نساعد أبناءنا على تطوير مهاراتهم الاجتماعية
وبناء شخصياتهم بشكل متزن.
الحاجة إلى الاعتدال
نحن بحاجة إلى الاعتدال في التربية.
الإفراط في الدلال مثل قلة الحنان، كلاهما له آثار سلبية. يجب على
الوالدين أن يدركوا أن تربية طفل سليم نفسيًا وذاتيًا يتطلب منهجًا
معتدلًا، يجمع بين الحنان والحب من جهة، وبين الحزم والانضباط من جهة
أخرى.
الاعتدال يعني أن نحب أبناءنا، لكن في
الوقت ذاته، نعلمهم كيف يتحملون مسؤولياتهم، ويواجهون عواقب أفعالهم.
بذلك نعدهم لحياة حقيقية مليئة بالتحديات، ولكن أيضًا بالفرص للنمو
والتطور.
الدلال ليس خطأ، ولكن الإفراط فيه هو
المشكلة الحقيقية. نحتاج إلى أن نكون أكثر وعيًا في طريقة تعاملنا مع
أطفالنا. التربية الجيدة لا تتطلب فقط الحب والحنان، بل تحتاج أيضًا
إلى وضع حدود واضحة تساعد الأطفال على تعلم المهارات الحياتية
الضرورية. يجب أن نفكر دائمًا في تأثير أفعالنا على مستقبل أبنائنا،
ونسعى لبناء جيل متزن قادر على مواجهة الحياة بثقة ومسؤولية.