حكاية
2024/08/01
87
حكاية
زينب جعفر 

القصص الواقعية أحيانًا تمتلك مصادفات أكثر من دبلجة الأفلام، وتقدم نتائج ليست في الحسبان. ففي ذات يوم كان (أحمد عبد الله)، وهو شاب متدين فقير يعمل موظفًا بسيطًا، يجلس مع والدته أمام التلفزيون، وهي تحدثه عن نيتها في الذهاب إلى أخواله، عساهم يتبرعون بشيء لزواجه. كان أحمد يهدئها ويطالبها بالصبر: "يمه، الله كريم".

فجأة، انتفض أحمد أمام مشهد من برنامج ينقل طلب استغاثة لفقير يحتاج لعملية زرع نخاع. إذن، المسألة تحتاج إلى الملايين، لكن الناس لم تقصر، وهو يسمع أهل المكالمات يقدمون مبالغ كبيرة لا يمكن له أن يجمعها في عشر سنوات راتب. خجل من فكرة أن يقدم نصف ما لديه، خمسين دولارًا، ولكنه تذكر قول الإمام علي (عليه السلام): "لا تستحي من إعطاء القليل، فالحرمان أقل منه". فرفع الموبايل وقال: "أنا أحمد عبد الله، قررت أن أتقاسم مع صاحب الحاجة المريض نصف ما أملك، خمسين دولارًا".

نظرت المذيعة وكأنها تستجوبه من خلف الميكروفون: "نعم؟". قال مكررًا لها: "الرقم خمسون دولارًا، هي نصف ملكيتي، ويشهد الله تعالى على ذلك، والراتب ما زال بعيدًا".

قالت المذيعة متأثرة بما تسمع: "إذن أنت تبرعت بنصف ما تملك، كيف سيكفيك الراتب حتى نهاية الشهر؟" فأجابها: "الله كريم... المهم أنني فرحان جدًا لأني ساهمت في إنقاذ إنسان".

انتهت المكالمة ودموع المذيعة تذرف هذه المرة لأحمد، وليس لمريضها. قالت أمه باكية: "أنت تحتاج إلى تبرع يا بني!". أجابها: "الله كريم...". واتصل بعد مكالمة أحمد مباشرة رجل تبرع بمبلغ ضخم للعملية، وقال: "وأتبرع كذلك لأحمد عبد الله بمبلغ خمسة آلاف دولار تكريمًا لهذه الروح العالية ولهذا الإيمان الرائع".

صاح أحمد: "الحمد لله... ألم أقل لكِ يا ماما، لا يصح أن نحسبها مع الله حساب عد وتفصيل، وأن نحتسب كل ما يردنا دون أن ننتبه إلى رزق لا نحتسبه...". اتصل أحد الوزراء مقدمًا رجاء موافقة أحمد عبد الله بالانتقال إلى وزارته، لكونه لا يمكن تجاوز مثل هذه الروح الفاعلة، فنحن بحاجة إلى رجال ذوي شهامة بهذه الروحية العالية.
تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا