هذه هي عباءتي
العباءة؛ تمثل زياً تقليدياً يعبّر
عن عمق الهوية الثقافية والدينية، يحمل هذا الزي في طياته أبعاداً
رمزية وجمالية تتجاوز حدود كونه مجرّد رداء، إنه يمثل غاية في
الاعتزاز، وتُعدّ العباءة بمثابة تحفة فنية تتداخل فيها ألوان القوة
والرقي والوقار، وهي رمز يحمل في طياته قيماً وأفكاراً تعانق السماء
بسموها وعلوها.
معروف أن السيدة زينب (عليها
السلام) هي سيدة العفاف؛ بكونها أنموذجاً راقياً للصفات الجليلة
التي تميّزت بها، والتي تنعكس من خلال حجابها وعباءتها. إن العباءة
لم تكن مجرّد قطعة من القماش تغطي الجسد، بل كانت الدرع والسلاح
الذي حملت به السيدة زينب سلام الله عليها الرسالة الخالدة التي
أكملت نهضة الإمام الحسين روحي له الفداء، وكافحت به الظلم ونشرت
الحقيقة، في كل خطوة قاومت بها وفي كل كلمة نطقتها، كانت تُظهر
رزانة ومهابة لم تتحقق بالزينة أو الصوت الرفيع، بل بالروح العالية
والشخصية القوية التي كانت تتجلّى من خلال تلك العباءة.
العباءة في هذا السياق تشكل أكثر من
مجرّد رداء، إنها معتقد ودين، وإرث عظيم يتجسّد فيه القومية
والتفرّد، وينبثق منه الإبداع والتألق، ليس هناك
مبالغة في القول بأن العباءة تصبح
جزءاً لا يتجزأ من الهوية الشخصية، بل وتعكس الدور الحيوي الذي يمكن
للفرد أن يلعبه في الوجود.
إن العباءة فرصة لترك بصمة مميّزة
في الحياة، فارتداء العباءة للمرأة يُعد درساً لكل المجتمعات في
كيفية أن يتقوّم المرء ويبرز ويزداد تألقاً وإبداعاً من خلال
اعتزازه بتقاليده ومعتقداته، تُظهر العباءة أن القوة والأناقة
والهيبة يمكن أن تأتي من خلال التزامنا بما نؤمن به؛ أن نظل واثقين
في مبادئنا رغم تغيرات الزمان وتحديات الحياة.
إن العباءة بكل ما تمثله من رمزية
عميقة، تقدّم لنا أنموذجاً من العزيمة، لنبقى أوفياء لأنفسنا
ولقيمنا، إنها اعتزاز بالهوية والتراث وقوة وجمال لا مثيل
لها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نشرة االخميس/ نشرة أُسبوعيةٌ ثقافيةٌ (مجانية) تصدر عن العتبة
العباسية المقدسة/ العدد 971.
✍️ الشيخ حسين التميمي
العفاف من أبرز أمثلة الجهاد في الحياة