عباءة الطف
2024/07/20
73

عباءة الطف

لطالما كان الستر والحجاب جزءاً لا يتجزأ من الشخصية الإسلامية، وخصوصاً في سيرة أهل البيت (عليهم السلام)، حيث يبرز ذلك بجلاء في معركة الطف الخالدة وما تلاها من أحداث، ففي عتمة تلك الأيام العاتيات، حينما ظنّ بنو أمية أن قوة السلاح والجسد يمكن أن تنال من عفة وشموخ الأسرة الحسينية، كان الحجاب يلوّن المشهد بالعزّة والإباء.
ورغم قسوة الأجواء، وشدة بأس الظالم، وألم الجوع والظمأ، وقسوة الأسر.. ظلّ الحجاب يُعلي من شأن بنات الرسالة، وأن رسالتهنّ رسالة كرامة ظلّت ممتدة مع العصور؛ لأن الركب الحسيني ظلّ متمسكاً برسالة الإسلام، وحاملاً الخلق العظيم رغم حبال الأسْر، وأرواحهنّ التي تسامت فوق الألم والابتلاء، فلم يثنهنّ الاستباحة الأموية، ولا جبروت العدوّ، بل وقفن شامخات، آمَنّ برسالة لن يطمسها زحف عساكر ولا ضرب سياط!
وعنوان هذا الأثر الراسخ والمنهج القويم هو شخصية السيدة زينب (عليها السلام)، التي حملت صبراً وكفاحاً منقطع النظير، شعاعاً لم ينفك يتلألأ رغم ظلم التعامل وقسوة الأسر، وهي لم تتخطَ فحسب عتبة الصبر، بل أضحت بحفاظها على الاحتشام رمزاً للتحدي والعزة التي لا تُقهر.
وعلى نفس المسار سارت السيدة سكينة وسائر النساء من العائلة الطاهرة، اللّاتي جسّدن بحجابهنّ وسلوكهنّ مبادئ أعظم بكثير من مجرد طقوس اللّباس والزينة، بل هو زي فاطمي يُكمل ويُجمل ويزيد من سموّ وكرامة المرأة المسلمة.
في مواجهة العبودية وويلات الأسر، حافظنَ هؤلاء النسوة على حجابهنّ بشكل جعل منهنّ رموزاً للوقار والرفعة، وكأن كل خيمة قائمة وكل خطوة مُتعثّرة تنبعث منها رسائل تضجّ بالتحدي والصمود تكسر شوكة التخلّف وتبني جداراً من القوة والثبات.
عباءة الطف، ليست مجرد قطعة قماش! بل هي رمز عظمة وتاج كرامة، حكاية مرويّة بالعفّة والتجلّد، ومن أرض كربلاء نأخذ القيم والدروس، من تلك النسوة اللّاتي استمسكنَ بحجابهنّ وسترهنّ، وكيف جعلنَ من العباءة جناحاً يحميهنّ ويعلو بهنّ فوق مستنقع الدنية والهوان.

 

 

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نشرة الخميس/ نشرة أُسبوعيةٌ ثقافيةٌ (مجانية) تصدر عن العتبة العباسية المقدسة/ العدد 993.
الشيخ حسين التميمي .

 




 

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا