رُوي عن الإمام علي (عليه السلام) قوله: «سَاهِلِ الدَّهْرَ مَا ذَلَّ لَكَ قَعُودُهُ، وَلاَ تُخَاطِرْ بِشَيءٍ رَجَاءَ أَكْثَرَ مِنْهُ» (شرح نهج البلاغة، لابن أبي الحديد: ج١٦/ص106).

أغلب مشاريع الحياة تقترن بالمخاطر، وأهم ما يدفع تلك المخاطر: معرفة القضايا التي تحول دون وقوع الخطر، وكذلك معرفة ردّ الفعل المناسب تجاه مسببات المخاطر خلال السير في هذه الدنيا.

وتعتمد إدارة المخاطر على أخذ خطوة استباقية تجاه التهديدات المُحتمل حدوثها، بدلاً من تلقي المفاجآت، ومن ثمّ البحث في كيفية التّعامل معها؛ لذلك وجب معرفتها؛ وإلَّا غالباً ما تبدأ المشاريع لتكون على المسار الصائب، ولكن تحدث أشياء لتضعها خارج ذلك المسار. 

وهنا يبين الأمير (عليه السلام) بعض قواعد التعامل مع الدهر حتّى يأمن أخطاره.. والزمن من جملة الأمور والقضايا التي ينبغي التعامل معها بدقة وعلم ومعرفة، وإلَّا أصبح دهراً عنوداً، وهنا يجعل الإمام (عليه السلام) مجموعة من الأسس التي من خلالها نستطيع استثمار فرصة اليوم الذي نعيشه، وأهمها:

أولاً: "إنَّ الدنيا إذا كانت سهلة للإنسان لزم على الإنسان أن ينتفع بها، ولا يكدر صفوة نفسه بالطمع في أمور أخرى لا يُعلم هل تستقيم له أم لا؛ إذ ربما أوجب ذلك ذهاب السهل، وعدم إدراك القصد" (توضيح نهج البلاغة: ج4/ص77).
إنَّ سهولة الدهر فرصة لعلَّها لا تعود في المستقبل؛ ومقتضى الحال إذا كان لك فينبغي أن تظفر به، وإذا كان عليك فالصبر أولى؛ حتَّى يكون معك. والاستثمار الحقيقي للفرصة استغلالها والاستفادة منها بمقدار ما يملك من طاقة، ولا يتكلّف أكثر من ذلك فإنَّه لن يستطيع.

ثانياً: "لا تخاطر بشيءٍ تملكه في يدك رجاء أكثر منه؛ إذ كان في مظنته ألّا يعود فيوشك أن يضيع الأصل؛ يعني إذا كان شاكاً في سلامته؛ أمَّا مع ظن السلامة فلا خطر كما هي عادة التجار؛ ونحو قولهم: من طلب الفصل حرم الأصل" (نخبة الشرحين: 1616).
ولذلك من قواعد التجارة المهمة: ألّا يجعل التاجر كلَّ أمواله مع شكِّه في نجاحها؛ فقد يفقد كلَّ شيءٍ حتَّى أملاكه الباقية.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نشرة الكفيل/ نشرة أُسبوعيةٌ ثقافيةٌ (مجانية) تصدر عن العتبة العباسية المقدسة/ العدد 965.
السيد صباح الصاحي