ابذل قُصارى جهدك
2024/02/10
280

 سابق نفسك في العمل حتى تحقق آمالك التي سبقتك، التحدي الحقيقي في إنجاز الأعمال يكمن في أن تعمل بأقصى ما تستطيع، وليس بمقدار إسقاط الواجب فحسب، اضف كل يوم بعض الجهد الى الذي بذلته في اليوم الذي سبقه، فسرعان ما تكتشف أن قدراتك أكثر بكثير مما كنت تظن، الاجتهاد أكثر ما يميز الناجحين عن غيرهم.

إن أولئك الذين نجحوا في الحياة لم يكونوا حجارة أو حديدًا بل كانوا بشرًا مثلنا فلم يمتلكوا طاقات أكثر مما نملك حتى يبذلوا من الجهد أكثر مما نستطيع ولكنهم لم يبددوا جهودهم، ولا ضيعوا طاقاتهم بل بذلوها حسب القدرة والاستطاعة ومن يفعل مثلهم فسوف ينجح.

إن اقصى الاستطاعة تؤدي الى أقصى مراحل النجاح فليس من الممكن إحراز النجاح بمجرد أن تقوم بالعمل بمقدار إسقاط الواجب فقط، صحيح أنه غير مطلوب منك أن تصنع المستحيل، ولكن لابد أن تبذل قصارى جهدك ثم تترك الأمور حتى تعطي ثمارها، بل ربما يمكنك حصد النجاح إذا بذلت خمسين بالمئة من قصارى ما تستطيع ولكن ليس أقل من ذلك.

يقول أحدهم كنا ثلاثة وقررنا القيام بزيارة مقام هابيل الذي قتله أخوه قابيل، لم يكن أكبرنا سنًا يتجاوز السادسة عشرة، ولم تكن لنا أية تجربة سابقة بتسلق الجبال، وكان مقام هابيل يقع كما قيل لنا على قمة جبل على بعد بضعة عشر ميلًا من مدينة دمشق باتجاه بيروت..

في تلك الأيام لم يكن هنالك طريق للوصول الى المقام الا بتسلق الجبال، وهكذا ذهبنا الى قرية تقع في الوادي حيث قيل إن مفاتيح المقام موجودة لدى رجل من أهلها، ولما وجدناه طلبنا منه أن يأخذنا معه الى هنالك، ولكنه اعتذر عن ذلك وأبدى استعداده إذا عدنا في الغد، لكننا كنا على السفر في اليوم التالي، فطلبنا منه المفاتيح على أن نقوم بالرحلة بمفردنا، في البداية رفض ومع إصرارنا طلب منا أن نؤمن لديه مبلغًا من المال الى حين إعادتها اليه، ولم يكن معنا ما كان يطلبه.

وهكذا عرضنا عليه بدل المال ساعاتنا اليدوية التي كانت قيمتها متواضعة وبعض ملابسنا فقبل ذلك وأعطانا المفاتيح، وقد نسينا أن نسأله عن الطريق، كنا نظن أنه يكفي معرفة أن المقام واقع على قمة ذلك الجبل، انطلقنا من دون أية عُدة لتسلق الجبال، في الطريق الخطأ، قال أحدنا يبدو أننا في طريق الموت فالصعود صعب جدًا، قال أخي وهو الذي يكبرنا لا تفكروا في التراجع لنحاول الوصول الى تلك الصخرة، وأشار الى صخرة على بعد خمسة أمتار فقط، كنا على وشك الانهيار فكيف يمكن قطع بقية الطريق؟

لكن تلك الصخرة بدت قريبة، بدا لنا كأن الوصول الى المقام أصبح أصعب، إلا أن نجاحنا في الوصول الى ذلك الهدف الصغير أعطانا الثقة المطلوبة لمواصلة التسلق.. الى أن وصلنا الى قمة جبل في منتصف الطريق، ومن هناك رأينا منارة المقام، كما رأينا الطريق الصحيح والسهل للوصول الى المقام، لقد تعرضنا لضغوط نفسية وجسدية هائلة حقًا، لكننا بعد قرابة سبع ساعات كنا نقف أمام ضريح هابيل، فقال أحدنا "ترى هل أن هابيل هو الآخر تسلق هذه الجبال هربًا من سطوة أخيه؟"
فقال الآخر "ربما ولكنه لم ينجُ من القتل على يد قابيل على كل حال"، واليوم عندما اذهب الى السيارة، وأُلقي نظرة على الطريق الذي سلكناه ذات يوم للوصول إليه ازداد قناعة ان الله تعالى قد منح الإنسان قدرة كبرى لتجاوز كل العقبات التي تعترض حياته إذا بذل قصارى جهده.
    
ينبغي على الإنسان أن يبذل ما في وسعه لتحقيق هدف ما، على الرغم مما يمكن أن يواجهه من تعب ومشقة أثناء ذلك، إلّا أنّ ثمار الجد والاجتهاد الحلوة في مذاقها تنسي الفرد ما عاناه خلال رحلته، وتدفعه لتحقيق المزيد من النجاح فيما بعد، فيغدو مقبلًا على الحياة متعطشًا للإنجاز.

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: إذاعة الكفيل - برنامج قمم النجاح - الحلقة الثالثة - الدورة البرامجية 77.

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا