من حقوق الأصدقاء
2024/04/23
238

قال الإمام علي (عليه السلام): «احْمِلْ نَفْسَكَ مِنْ أَخِيكَ عِنْدَ صَرْمِهِ عَلَى الصِّلَةِ، وَعِنْدَ صُدُودِهِ عَلَى اللَّطَفِ وَالمُقَارَبَةِ، وَعِنْدَ جُمُودِهِ عَلَى البَذْلِ، وَعِنْدَ تَبَاعُدِهِ عَلَى الدُّنُوِّ، وَعِنْدَ شِدَّتِهِ عَلَى اللِّينِ، وَعِنْدَ جُرْمِهِ عَلَى العُذْرِ، حَتَّى كَأَنَّكَ لَهُ عَبْدٌ، وَكَأَنَّهُ ذُو نِعْمَة عَلَيْكَ وَإِيَّاكَ أَنْ تَضَعَ ذَلِكَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ أَوْ أَنْ تَفْعَلَهُ بِغَيْرِ أَهْلِهِ» (تحف العقول: ص٨١).

يُعد مفهوم الصديق والصداقة من المفاهيم المهمة التي ركَّز عليها القرآن الكريم وروايات المعصومين (عليهم السلام)؛ لما له من دور في التأثير على السلوك الإنساني وأهدافه وارتباطه بالله تعالى، وكم من إنسان صالح تحوَّل إلى طالح بفعل صديق، وكم من طالح تحوَّل إلى صالح بفعل صديق أيضاً، ولكن هذا يتوقف على إعطاء الصداقة مفهومها الحقيقي.

قد يصدر من الأخ والصديق بعض الأخطاء لكونه غير معصوم، ويمكن أن تؤثّر عليه بعض ما يخرجه عن طريق الاستقامة في التعامل؛ ومنها قطع التواصل في بعض الأحيان، والحلَّ ليس في مقابلة ذلك الخلق بنفس الخلق، وإنَّما لا بد من حل وعلاج تلك السلبية، وفي هذه الحالة يكون العلاج بأن يقابل سلبياته بالفضائل؛ كالقطيعة بالصلة، وإن قطعك. وأمَّا مَن كان شعاره (مَن وصلني وصلته، ومَن قطعني قطعته)! فهذه أخلاق تاجر وليست أخلاق مؤمنٍ، وأفضل شيء يديم الإخوة التجاهل إذا قصَّر، والاقتراب منه في مقابل هجره لك.

أحياناً نجد بعض الأصدقاء لا يمتلك شجاعة العطاء والإنفاق، وإخراجه من هذه الحالة يكون بمبادرة البذل له والإنفاق عليه؛ فهذا قد يخرج البخيل من بخله.
يمكن أن يصبح الأخ في بعض الأحيان بسبب الظروف التي تحيط به إلى أن يكون شديداً في أخلاقه وطباعه، ومواجهة الشدَّة بالشدَّة ليست من أخلاق المؤمن، وإنَّما ينبغي أن نواجه تلك الشدّة باللين في الكلام، وحسن المعاشرة، وحمله على أكثر من محمل، ولا تقاطعه، وتغاضى عن هفواته، فالجميع (غير المعصوم) معرّض لارتكاب الأخطاء.

إنَّ صدور الخطأ من العباد ليس سبباً لقطع الصلات الاجتماعية إلَّا إذا كانت تضرّ صاحبها بهذا الوصل، أو كانت مما حرَّم الشرع ذلك.
إنَّ ما ذكر من المفاهيم لا توضع في غير موضعها، فإنَّ بعض الناس يستغلون هذه الأخلاق والصفات المحمودة على التجرؤ والعنف والاستغلال، فإذا حصل ذلك فالابتعاد هو المطلوب، حتى لا نتضرّر من تلك الصداقة وذلك الإخاء.

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نشرة الخميس/ نشرة أُسبوعيةٌ ثقافيةٌ (مجانية) تصدر عن العتبة العباسية المقدسة/ العدد 979.
السيد صباح الصافي

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا