الإصغاء بين الأصدقاء
2024/02/16
527

الصداقة المصغية من أهم مظاهر المجتمع الأساسية، فهي تتأثر بتطور المجتمع، قد تنطبق صفة الصداقة على أغلب العلاقات الإنسانية والرحمية فكثيرا ويكمن السر في الإصغاء الفعال والمتبادل بين كلٍّ من أطراف الصداقة.. ولكي يكون الصديق مصغيا عليه باتباع أمور ضرورية لاستمرار الصداقة هي: 

ألا يحتكر الحديث، ويترك الفرصة لأصدقائه  للتحدث وتبادل الآراء، وعليه أن يتأكد أنه يستمع بقدر ما يتحدث عن نفسه، ثم إذا كان ينتظر صديقه حتى ينهي كلامه ليقول ما يريد قوله سيكون ذلك واضحاً على الفور، فعليه محاولة أن يضع ميزاناً بأن يدع صديقه يتحدث نصف الوقت، ولكن إذا شعر أن صديقه لا يترك له الفرصة للحديث أبدا، فمن الصعب أن تكون هذه الصداقة ناجحة و مزدهرة، فهذه هي أهم مضار عدم الإصغاء الجيد بين الأصدقاء.. 

وكذلك ينبغي أن لا يكون الهدف من الإصغاء مجرد الإجابة بل هو من أجل الفهم أولا، والذي قد يساعد على إيجاد الحلول الناجعة للمشاكل، وأن يكون الإصغاء للصديق في كل أحواله، في فرحه وحزنه، وعند وقوعه في مأزق أو ورطة ما عسى أن يقدم له الحل والمواساة، فمجرد الإصغاء له يكون بمثابة دعم معنوي له، فالصديق وقت الضيق. 

هنالك قاعدة مهمة في الإصغاء توصل إليها الخبراء في مهارات التواصل وهي " ينبغي أن تكون مستمعا جيدا كي تكون متحدثا جيداً"، إذن في الصداقة ينطبق نفس القانون ، فكثير من المشاكل تحدث بين الأصدقاء بل القطيعة بسبب انعدام الإصغاء الفعال، وكثيرا ما نلاحظ أن الصديق يصغي لك أكثر ما تصغي لك أمك أو أبوك في بعض الأحيان والمواقف، ومن أهم تلك الأسباب تقارب الأعمار. 

ولأنك قد تشعر لمدة عمرية محددة بعدم الحرية في التحاور مع والدك أو والدتك، كونهما يشكلون أوصياء عليك، لكن مع الصديق يختلف الأمر، لذلك من المهم أن يكون الوالدان قدر المستطاع أصدقاء لأبنائهم كي يكون الإصغاء متبادل، فأصدقاء أبنائهم ليسوا دائما محط ثقة، يقول النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم): "المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل"، الأمالي للطوسي .

أنواع الصداقات كثيرة في العمل وفي المدرسة وفي الأسر والقرابات وفي الجامعات والأكاديميات، ولكن أكثرها نفوذا في عصرنا الحديث الصداقات الافتراضية على مواقع وشبكات التواصل الحديثة، والتي قد تبنى أحيانا على لعبة الكترونية مشتركة فقط، وقد تطغى على الصداقات الحقيقية، و يصغي إليها جيل اليوم بشدة، لأن التواصل والتحاور مع الأصدقاء الافتراضيين بات أسهل وأقرب من التواصل مع أصدقاء الدراسة أو الأصدقاء ذوي الرحم، ولمَدَيات زمنية عديدة وطويلة خلال اليوم فيصبح التعلق بهم أكبر، وبالتالي الإصغاء لهم أسهل ومتبادل بشكل أقوى، وهنا تكمن الخطورة، فقد يكونون أصدقاء سوء، أو أصدقاء وهميين لاوجود لهم على أرض الواقع أصلا ، وهنا يبرز دور الوالدين.

إذن يمكننا أن نستنتج معا من خلال حديثنا بأنه لابد من صداقات الآباء مع أبنائهم وصداقة كادر التدريس مع الطلاب، وكذلك صداقات الأزواج فيما بينهم، بالإضافة إلى صداقات الدراسة، لتطغى هذه الصداقات على أصدقاء السوء، ولكي يكون الإصغاء فعالا نافعا بين الأصدقاء.

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: إذاعة الكفيل - برنامج إصغاء ورحلة بناء - الحلقة الثامنة - الدورة البرامجية 77.

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا