2025-12-24 10:06:24
49 تكتسب مرحلة الطفولة عند أهل البيت (عليهم السلام) أهمية بالغة في تشكيل معالم شخصية الطفل المستقبلية، فهو يمتاز -في هذه المرحلة- بسرعة التلقي والتقليد لوالديه، وللأطفال المحيطين به في العائلة وخارجها، بحيث يستطيع اختزان الكثير من العادات والسلوك الجيدة أو المنحرفة بالسرعة التي لا يستطيع الإنسان الحصول عليها بعد تجاوز هذه المرحلة.
لقد أكد أمير المؤمنين (عليه السلام) على هذه الحقيقة بقوله في وصيته للإمام الحسن (عليه السلام): «إنّما قلب الحدث كالأرض الخالية ما أُلقيَ فيها من شيء قَبِلتهُ»، فهي إذن مستعدة لتقبل بذور الأخلاق الحميدة بصورة سريعة جدًا، فالتركيبة الفطرية للطفل تختزن من بداياتها الإحساس السليم بالأشياء والقدرة على اكتشاف جمال الأخلاق والتلبس بها.
ومن المهم جدًا إبداء الحب للأطفال وإظهاره، فقد رُوي أنّ نبي الله موسى (عليه السلام) أنّه قال: «يا رب، أي الأعمال أفضل عندك؟ قال: حب الأطفال» (المحاسن: 1/293).
وعندما ندرس منهجية أهل البيت (عليهم السلام) الأخلاقية التربوية التي تتصل بالطفولة نجد تأكيدًا على التدرج في التعامل مع الطفل حسب مراحله العمرية، فقد ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنّه قال: «دع ابنك يلعب سبع سنين، ويتعلم (يتأدب) سبع سنين، والزمه نفسك سبع سنين» (مَن لا يحضره الفقيه: 3/492).
إذن ينبغي أن تكون هناك مساحة للحرية في اللعب في السبع سنين الأولى؛ لإشباع حاجات الطفل منها واكتشاف محيطه الخارجي الذي يعيش فيه، ثم تأتي السبع سنين الثانية، ليركز الوالدان على الآداب في شخصية الطفل، ففي هذه المرحلة تنبت الأخلاق في نفوس أطفالنا، فيما إذا اهتم الآباء بزراعتها وسقايتها بالمراقبة والتوجيه والحنان، فتنبت سليمة معافاة من كلّ نقص، ثم تأتي السنين السبع الأخيرة، وهي ما تسمى بمرحلة المراهقة من (١٤ إلى ٢١) سنة، هنا تبدأ شخصية الولد بالتبلور، فتحتاج إلى صداقة كلٍّ من الوالدين أكثر من ممارسة السلطة؛ حتى يتقبل النصيحة والتوجيه.
ومن الأخطاء التي نرتكبها في تربيتنا لأطفالنا هي: إهمال مسألة الوعي الديني الذي أكد على غرسه أهل البيت (عليهم السلام) في نفوس أطفالنا، وهذا أمر خاطئ يُبعد أطفالنا عن الدين والمذهب، وبالمقابل قد تتلقفهم الحركات المعادية للدين والمذهب! فنخسر أولادنا وأنفسنا في الدنيا والآخرة.
ومن هنا نعلم ما للمجالس والشعائر الحسينية من دور مهم في زرع بذرة الإيمان وزيادة الوعي عند أطفالنا وإبعادهم عن الأفكار والسلوكيات المنحرفة.
2025-12-28
2025-12-25