الاستهزاء بالطفل
2024-04-28 12:00:00
200

 نرى في بعض الأحيان أنه قد يُبتلى بعض الأطفال بنقص في بعض من قدراتهم أو مهاراتهم أو في خَلقهم كأن يكون قصيرًا أو طويلًا أو أعرجَ أو أعمى؛ فتكون هذه نقيصة عليه في نفسه وأمام الآخرين، فنجد بعض الآباء والأمهات ممن يرتكب أخطاء بقصدٍ أو بغير قصدٍ، أو نتيجة عدم علم، أو لجهلٍ بحق أطفالهم من استهزاء وسخرية تصل إلى مرتبة الجرم؛ لما تخلفه من آثار نفسية خطيرة تلقي بظلالها الكثيفة على شخصية الطفل طول حياته.

وكثيرٌ من الأطفال يتعرضون لأشكال عديدة من السخرية والاستهزاء سواء في المدرسة من معلميهم أو زملاء لهم أو من أقاربهم أو من جيرانهم لسبب من الأسباب، وسرعان ما تلتصق هذه الدعابات أو تلك المواقف الساخرة، أو تلك التسميات أو النعوت الساخرة بهم طول حياتهم.

إن الله سبحانه وتعلى يقول في كتابه الكريم: ﴿وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ﴾ [الحجرات: 11]، فعلى سيبل المثال بعض الأطفال منهم البنت إذا كانت طويلة القوام، فعندما تمرُّ أمام أهلها، فبدلًا من سماع الثناء على قوامها الجميل، وكلمات المحبة، تبدأ بسماع الهمز واللمز والكلمات التي تجعلها تنفر من والديها، وقد تكون سببًا في البحث عن التقدير من خارج البيت فتقع فريسةً في أيدي الذئاب البشرية. وكذلك بعض الأبناء عندما يأتون بنتيجة الاختبارات المدرسية وتكون درجاتهم في إحدى المواد ضعيفة بسبب ضعف قدرات الطفل العقلية، أو لأي سبب تربوي أو اجتماعي، فهنا يوجِّه إليه الوالد الكلمات النابية التي تجعله محطمًا لاسيما عندما يكون أمام إخوته، وهم يضحكون عليه، فتكون سببًا لكره الدراسة، والوقوع في أيدي رفقاء السوء.

ويؤدي هذا النوع من التعامل السلبي مع الابن أو البنت في مرحلة الطفولة والتي تكون أساس بناء شخصية الفرد إلى الميل للعزلة والانسحاب؛ تجنبًا للآخرين وانتقاداتهم، فهو يتوقع أن ينظر إليه الآخرون كما ينظر إليه والداه ومن حوله بل لا يستطيع النظر إلى نفسه إلا عبر المنظار الذي يراه منه الآخرون ويحكم من خلاله عليه، إضافة الى ذلك تخلق نظرة مضادة نحو الأسرة والمجتمع، وإحساس بالظلم والإجحاف، فيميل إلى اتِّباع السلوكيات العدوانية نحو الآخرين الذين لا يتفهمونه ولا يقدرونه، ولا يسمحون له بإيجاد مكان بينهم.. حيث يؤدى بهم الى عمل سلوكيات غير مقبولة اجتماعيًّا؛ كإتلاف الممتلكات العامة أو الاعتداء على ممتلكات الآخرين أو الميل إلى الانتقام.

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: إذاعة الكفيل - برنامج صفحة بيضاء - الحلقة الثانية - الدورة البرامجية 79.

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا