أودع الله تعالى العديد من الميول الفطرية عند الطفل أبرزها الرغبة الشديدة باللعب واللهو، فنجده منذ الصغر يميل إلى تلك الحركات الفطرية من رقص وتمايل وقيام بحركات هزلية، وقد يظنّ البعض أنّ هذه الحركات ليست لها أيّ أهمية بل هي عبارة عن حركات غير هادفة، حيث إنّ اللعب يستخدم بمعنى اللهو والهزل والعبث، وقد استخدم بهذا المعنى في آيات عدّة، كقوله تعالى: ﴿الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا﴾، وهو ضدّ الجدّ إذ يقال: "لعب فلان، إذا كان فعله غير قاصد به مقصداً صحيحاً"..
كيف نتمكن من تربية الطفل اثناء
لعبه؟
إنّ عملية التربية باللعب تستدعي
قيام المربّي بتهيئة البيئة الحاضنة للعب الطفل، وتحضير الألعاب
المناسبة لمرحلته العمرية، واللعب معه بطريقة هادفة يستثمر فيها
غريزته لتعليمه وتأديبه على بعض السلوكيات، وتنطوي التربية باللعب
على أربعة أبعاد ومنها:
- الأوّل: تهيئة البيئة الحاضنة
لحرية ممارسة الطفل للأنشطة الممتعة، وتزويده بالأدوات اللازمة
للّعب.
- الثاني: استثمار أنشطة اللعب في
تعليم الطفل بعض المفاهيم والمعطيات، وهو ما يعرف باسم التعلّم
باللعب.
- الثالث: توظيف اللعب في إكساب
الطفل مجموعة من القيم وتدريبه على بعض العادات والآداب
الفاضلة.
- الرابع: توظيف اللعب في عملية
معالجة الطفل من بعض الانفعالات النفسية السلبية والاضطرابات
السلوكية كالخوف والعدوانية، وهو ما يعرف باسم العلاج
باللعب.
وينبغي للوالدين والمربّين
الاستفادة من أسلوب اللعب لترغيب الطفل بالقيام بالسلوك المرغوب فيه
منذ الطفولة المبكرة، مثل الاستفادة من أسلوب اللعب في إقناعه
بتناول الطعام، أو بالعلاج وأخذ الدواء مثلاً، إذا ارتفعت درجة
حرارة جسم الطفل وكان لا يرغب في وضع قطعة القماش المليئة بالماء
البارد على جبينه، كأن يمكن للأب أو الأمّ أن يقولا له: سنلعب لعبة
الطبيب والمريض، ونتبادل الأدوار، فأنت تكون طبيباً وتضع لي قطعة
القماش، ثمّ تكون أنت المريض وأضع لك قطعة القماش.
وهل لهذه التربية تأثير على شخصية
الطفل؟
نعم، لها تأثير على جميع أبعاد
الطفل، تحدّث علماء النفس والتربية عن آثار عدّة للّعب على بناء
شخصيّة الطفل وتشكيل هويته، لا نستطيع أن نسلط الضوء على جميعها،
لذا نكتفي بذكر بعض الآثار:
أهم ّالآثار الجسمية
الحركية:
يسهم اللعب في النمو الجسميّ
والحركيّ السليم للطفل، لأنّه يحقّق الخصائص التالية:
• تقوية عضلات الجسم.
• تعلّم المهارات الحركية كالقفز والتسلّق والركض
والتعلّق والزحف.
• القدرة على التحكّم والسيطرة على أعضاء الجسم
وتنسيق حركاته بشكل متوازن.
• تطور الحركات الإيقاعية، ولغة البدن.
أهمّ الآثار الذهنية
والعقلية:
• تنمية قوة الملاحظة الحسية، واكتساب المعرفة
بخصائص الأشياء وطبيعتها من حيث الألوان والأشكال
والأحجام.
• تنمية الذكاء، والتذكّر والانتباه والتركيز
والقدرة على المقارنة بين الأشياء.
• تنمية البحث عن حلول للمشكلات التي تواجه الطفل
أثناء اللعب، وتنمية المرونة العقلية من خلال مزج الأفكار بطريقة
جديدة.
• تنمية حسّ الابتكار والإبداع، من خلال عمل الطفل
على صناعة ألعاب خاصة به وتركيبها.
أهمّ الآثار النفسية
والوجدانية:
• الشعور بالمتعة واللذة والبهجة والحيوية،
والكفاءة وتقدير الذات.
• الاعتماد على النفس والثقة بها وإدارة شؤونه
بذاته.
• استثمار وقت فراغه من دون شعور بالملل والضجر
والتأفّف.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: إذاعة الكفيل - برنامج غمار تربوية - الحلقة الثانية
عشرة -
الدورة البرامجية 77.
الإمعة: حين يغيب الرأي وتتلاشى المسؤولية