تتشعب أطراف الإصغاء ولكنه من
الأهمية بمكان ما يجعله المحطة الأكثر تأثيرا على الفرد من بين
المحطات التي تتوقف رحلتنا عندها، فهي ثلاثة أقطاب رئيسية الأب
والأم والأبناء، قد يكون الجد أو الجدة أو العم أو العمة من الأطراف
المساندة والمدعمة للإصغاء أو بالعكس مثبطة للإصغاء واكتساب الطفل
القدرة على الإصغاء كمهارة تبدأ من حرص الأهل على الإصغاء التام
له..
أكدت إحدى الباحثات على أن أسمى المسئوليات التى تقع على كاهل الأبوين معا، حث الإبن على الإصغاء لهما و لمن يخاطبهم، بالمقابل على الأبوين الإصغاء للطفل جيدا لأنه ينزعج حين يشعر أنهما لا يهتمان إلى ما يقوله، لذلك ينبغي الإصغاء جيدا له وعدم اعتبار كلامه كلاما غير مهم، فكلام الإبن يحمل فى طياته معانيا ورسائل مبطنة على الأهل تفسيرها.
من فوائد الإصغاء داخل الأسرة
:
إن أحد أهم العناصر التأديبية
للأبناء هو إقامة علاقة متينة بين الآباء وأبنائهم مبنية على الثقة
والصراحة بين الطرفين، هذه العلاقة يساهم في تكوينها التواصل
والتحاور والإصغاء، مما يُفضي إلى تعديل سلوك أفراد العائلة وتوجيهه
إلى الصواب..فحين ينصت الولد
مراهقا كان أو راشدا إلى والديه، فهو بذلك يتعلم قيم الحياة ويستفيد
من خبرات وتجارب الآخرين، وحين ينصت الوالدان لأبنائهما فسيكتسبون
مهارة التكيف مع تغير مواقف الحياة.
كذلك فإن الإصغاء والإنصات للآخر يخرج الفرد من تمركزه حول نفسه ومن أنانيته ومن كبريائه، ويقوّم ويصحّح ذاته عن طريق تصحيح نظرته إلى نفسه ونظرته إلى الآخرين، ويعلمه بأنه ليس دائما على حق.. بالإضافة إلى أن الإصغاء يزيل الكثير من العقبات التي تقرّب أفراد الأسرة بعضهم من بعض. وتجعلهم متكيفين أسريا، وهو بذلك معيارا من معايير الصحة النفسية.
من الخطأ أن يتوهم أحد بأن الإصغاء
لا يمكن تطويره بل هو فن يمكن تطويره في حال رغبنا بذلك، من المهم
جداً أن نولي الأبناء الوقت الكافي عندما يبدون رغبة في الكلام
والأفضل أن نترك ما يشغلنا ونخصص لهم وقتاً نستمع فيه لهم بكل
اهتمام، مما سينعكس إيجاباً على سلوكياتهم.
هناك بعض النصائح التي يمكنها
ببساطة مساعدتنا على تطوير فن الإصغاء مثل..
تعلم الصبر والهدوء أثناء الاستماع للأبناء وإظهار البشر بالوجه
أثناء حديثهم، والترحيب بهم في أي وقت يحبذون الكلام فيه.
توجيه الأسئلة لهم بعد انتهائهم من الحديث الأمر الذي يعكس الاهتمام
ويشجعهم على مواصلة الشعور بالاطمئنان والثقة، مما يساعد على تعزيز
رغبتهم في مواصلة التحدث لنا بما يجول في أنفسهم مستقبلاً، دون
تردد.
فن الإصغاء للأبناء يساعدنا على
معرفة طريقة تفكيرهم والتنبؤ بسلوكياتهم المستقبلية والتدخل في
الوقت المناسب في عملية بناء شخصياتهم وأفكارهم لحمايتهم من أي
أفكار متطرفة أو سلوكيات غير مقبولة.. وفي المقابل إن إهمال الإصغاء
للأبناء يؤدي لخلق فجوة كبيرة بيننا وبينهم، سيما المراهقون فهم
دائماً ما يشعرون بأن الآباء لا يفهمونهم ولايدركون مشاعرهم وأيضاً
لا يحترمون آراءهم.
تقول متخصصة في علم النفس بكلية التربية، إن غياب اللغة المشتركة بين أفراد الأسرة يدفع إلى التباعد والابتعاد عن الأسرة، حيث يدفع الصمت بين أفراد الأسرة إلى قيام الأبناء في سني المراهقة والشباب إلى البحث عن البديل للأب والأم ظناً منهم أنهم لا يصغون إليهم، فيلجأون إلى أصدقاء السوء، لذلك علينا أن نكون أقرب إليهم من الخارج كيفما كانت المشكلات بسيطة أو معقدة لأن هذه المرحلة العمرية هي مرحلة بناء الشخصية والحوار المبني على الإصغاء هو نصف التربية إذن الإصغاء ركيزة أساسية لبناء الأسرة.
في الوقت الذي زاد فيه حجم الانشغالات لدى جميع أفراد الأسرة، كان لا بد من وقفة في غاية الأهمية لخلق مساحة خاصة يومية للحوار الأسري الذي يصغي فيه كل من أطراف الأسرة إلى بعضهم بعضا، سواء على مائدة الطعام أو غيرها، حيث تشير الأبحاث إلى أن العائلات التي تأكل معًا بشكل متكررعلى مائدة الطعام بدون هواتف خلوية أو جهاز التلفاز لديها أبناء متزنون وأقل عرضة للقلق والاكتئاب طوال حياتهم وإذا استطاعت الحفاظ على هذا الاتصال المنتظم، فهذا يسمح للآباء الإصغاء الجيد لأبنائهم وبالتالي فهم ما يحدث في حياة الإبن اليومية، هل هي حياة سعيدة أم محزنة؟ هل كان يومه جيد أم سيء؟ سيما إن كان الأبوان كلاهما موظفين، وأوقات اجتماعهما مع الأبناء سوية قليلة وقصيرة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: إذاعة الكفيل - برنامج إصغاء ورحلة بناء - الحلقة
الثانية -
الدورة البرامجية 77.
المشورة نافذة البصيرة وقوة الفكر
اقلام على خطى الزهراء (عليها السلام)