عزيزتي الأم يكتسب الطفل من الاسرة أولى تجاربة في تحمل المسؤولية وسيتعلم ذلك من أمه؛ لأنها دائماً موجودة بجانبة وتخطئ بعض الأمهات عندما يمتنعن عن إعطاء المسؤوليات للطفل بحجة العطف فسيكبر الطفل وينبغي أن يتهيأ لمواجهة عالمه في الغد وستواجهه مصاعب جمة في المستقبل إذا لم يأخذ الإحساس بالمسؤولية مكانه في قلبه منذ الصغر، وينبغي على الأم أن تكون الأنموذج الأسمى في تعليم وتدريب الطفل على تحمل المسؤولية فلا تفرض عليه عملاً بسبب تعبها أو لشعورها بالكسل.
إن تربية الأطفال تحتاج منا العمل في أكثر من اتجاه وعلى أكثر من صعيد، لأن النفس البشرية تحتاج الى البناء من كافة جوانبها لتخرج بصورة جيدة مكتملة بالنهاية.
ومن أوجه بناء الشخصية عند الأطفال
هو تعليمهم كيفية تحمل المسؤولية منذ الصغر وهذا أمر مهم جداً
لشخصية الطفل المستقبلية وإن أجرينا مقارنة بين الأطفال الذين تم
تعليمهم على تحمل المسؤولية وبين الأشخاص لم يتلقوا تعليماً على
تحمل المسؤولية منذ الصغر سنجد أنه يمكن الاعتماد عليه ويمكن أن
يسلم زمام الأمور على عكس الطرف الثاني تماماً.
عزيزتي الأم ستدهشين عندما تعرفين
أن سن تحمل المسؤولية يبدأ عند الأطفال في سن الثلاث سنوات ومن هنا
يبدأ سن التعويد والتمرين للطفل على تحمل المسؤولية.
وسأعطي مثلاً :- نطلب من الطفل في هذه المرحلة العمرية وضع لعبه في مكانها ونكافئه عندما يفعل ذلك وإذا استمر أسبوع مثلاً يفعل ذلك يكافئ في نهاية الاسبوع ولابد أن يكون ذلك بأسلوب محبب الى الطفل، وحتى تنمو العادة وتترسخ لابد من المواظبة عليها فمثلاً لابد أن تذكري إبنتكِ كل يوم وعلى فترة طويلة جداً بوضع ملابسها المتسخه في سلة الغسيل ويمكن إلزامها بإعداد منضدة طعام العشاء كل ليلة إذا كان هذا يناسب مع سنها كما يمكن تكليفها بطي الملابس التي قامت الأم بغسلها.
أختي الكريمة كوني أنتِ أيضاً
أنموذجاً جيداً أمام طفلكِ في تحمل المسؤولية حتى تكوني قدوة له
ولكن هناك شرط لتحمل طفلكِ المسؤولية وهو : أن لا تكون هذه
المسؤولية مرهقة بالنسبة له وأن تناسب مرحلته العمرية بمعنى ألا
ينبغي أن يكون الطفل ذا الأربعة سنوات مثلاً يتحمل مسؤولية طفل عمره
سبع سنوات، فكما يقال:"لكل مقام مقال" ولابد أن تستخدمي هذا السلاح
بتوازن وبدون مبالغة وبانضباط حتى ينجح الأمر وتكون نتيجته
رائعة.
كيف يقوم الطفل بمساعدة
أسرته:
عزيزتي الأم الفاضلة إن الأطفال تميل طباعهم الى حب المرح ويطمحون لقضاء جل وقتهم في اللعب وحتى بلوغهم سن العاشرة ودخولهم مرحلة المراهقة نراهم لا يحبون تحمل المسؤولية، فكيف يمكن أن نغرس فيهم حب المساعدة؟
إن من أهم الأمور التي تساهم في نمو حب المساعدة والعمل لدى الأطفال والمراهقين هو التشجيع الذي يعد الأمر الأساسي والدافع الكبير للإقبال على أداء بعض الأعمال والإجادة فيها.
إن بعض كلمات التشجيعية وعبارات المدح تدفع الأطفال الى القيام بالمزيد من الواجبات، خاصة إذا كان المديح أو الإطراء على مرأى ومسمع من الأقارب أو الأصدقاء أو الجيران وفي الوقت الذي ينبغي فيه على الأب والأم أو أي من أفراد الأسرة الابتعاد الكامل عن إظهار العيوب في عمل الطفل منذ البداية؛ لأن ذلك قد يجعله يترك القيام بأي عمل سواء أكان عملاً منزلياً أو واجباً خاصاً به ويميل الى الركود والكسل، لأن التشجيع يرفع المعنويات للطفل ويشعره بمكانته ضمن عائلته كما ينبغي على الأم إن تختار نوع العمل الذي يود الطفل القيام به بخاصةٍ اذا كان عملاً ممتعاً له كأن يختار عملية سقاية الزهور ونباتات الظل بدلاً من ترتيب الكتب.
أن مكافأة الطفل على بعض الأعمال
الممتازة التي يقوم بها سواء في الجانب الدراسي أو أعمال المنزل تعد
صورة واضحة ومميزة من الصور التشجيعية ومحفزاً لهمة الطفل فعلى سبيل
المثال أن تعد الأم أطفالها بشراء نوع من الأطعمة والحلويات أو
اقتناء بعض الأدوات القرطاسية للجميع إذا حصلوا على درجات عالية في
امتحان معين.
السن التي يبدأ فيها تنمية
روح المسؤولية:
إن تربية روح المسؤولية لدى الطفل ينبغي أن تبدأ من السنة الأولى من عمره إذ يكون الطفل مستعداً لتقبل ذلك، فبعض المسائل كرغبة الطفل للاستقلال في تناول الطعام وعدم لمس الاشياء الممنوعة عليه والامتناع عن الصراخ والصياح والتحمل حتى تتم تهيئة الطعام ونظير ذلك من مصديق تقبل المسؤولية في السنة الأولى من العمر.
ينبغي منح المسؤولية للطفل في أية مرحلة من العمر بمجرد ملاحظة استعداده لقبولها ولا ينبغي حرمانه من تحمل المسؤولية بذريعة عدم حلول وقت العمل والنشاط بالنسبة للطفل فالوليد يحاول مثلاً منذ الشهر الخامس عشر من عمره أن يستقل في تناوله للطعام وأن لا يتولى أحد مساعدته وهذا من مصاديق تقبل المسؤولية.
أين يتم تربية الشعور بالمسؤولية:
هناك محوران لتربية الشعور بالمسؤولية سيما في سن الطفولة وهما المنزل والمدرسة ومع إن المراكز الاجتماعية الأخرى قد تؤثر وتربي إلا إنه من المحال إن يكون تأثيرها بمستوى المدرسة.
أن دور المدرسة في هذا المجال ليس بقليل الأهمية فالطفل يتسطيع تحمل إنجاز المسؤوليات التي واجهه في المستقبل كتحمله مسؤولية النظام والانضباط في الصف وتنظيف باحة المدرسة ومسؤولية تثبيت حضور وغياب الطلاب وأيضاً جمع الدرجات الأسبوعية لطلاب الصف ومساعدة التلاميذ الضعفاء والمحافظة على حقوق زملائة لأنه من المحال أن يكون تأثير المدرسة بمستوى تأثير البيت.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: برنامج نقش على الحجر-الحلقة الحادية عشرة- الدورة البرامجية51.
الحسد.. آفة القلوب وسخط السماء