الأبوة والأمومة
2020/10/11
610

إن الأبوة والأمومة هي بالتأكيد ليست مسؤولية سهلة فهي مليئة بالتحديات والصعاب التي دوما ما تعترض سبل التنشئة السليمة للابناء ومن أهم هذه التحديات والصعاب هي التعامل مع تحديات شخصية الطفل العنيد فإن العند صفة طبيعية جداً في الأطفال وكل طفل عنيد الى حد معين الآن من طبيعة الطفل أن يختبر البيئة المحيطة به لكي يعرف مداه لكن الأطفال لا يعرفون حدودهم ومن مهمة الأبوين أن يصفا لهم هذه الحدود.
إن الطفل منذ صغر سنه يكتشف أنه شخصية مستقلة وله القدرة الذاتية على التفكير واتخاذ القرارات لنفسه وكذلك القدرة على الاعتراض على أي شيء لا يعجبه يبدأ الطفل في اكتشاف العالم من حوله ويقابل كثيراً بعبارة مثل (لا لاتفعل ذلك الا تلمس هذا) عندئذ يبدأ الطفل في الاعتراض ويحاول أن يفعل ما يريده بغض النظر عما يقوله أبويه هنا يأتي دور الأبوين في تهذيب طفلهما فكلما كان ذلك مبكراً كلما كان أفضل.

أختي الفاضلة أن الكثير من الأمهات تعاني من مشكلة العناد وهو مصدر تعب ونكد لهن والأم تحرص دوماً على طاعة ولدها لها ولذا تظل متحيرة حيال رفضه لما تريد منه ولا تدري كيف تتصرف أزاء عناده ومع ذلك ليس غريزة تولد مع الطفل كما تتصور بعض من الأمهات بل هو مؤشر على خلل في نفسية الطفل نتيجة سوء التعامل مع غرائزه الفطرية النامية في المرحلة الاولى من عمره.
فالطفل حين بلوغه السنتين تبرز استعدادته الفطرية التي تحتاج الى رعاية واهتمام لبناء شخصيته المتزنه وأي خطأ أو انحراف عن الطريق الصحيح والسليم يجعله معاند فالعناد إشارة خطرة تدل الوالدين على ضرورة تقويم وتعديل سلوكهم فإن 
الطفل في حاجة دائمة للحب والرعاية والشعور بالتفاهم من قبل الوالدين مما يجعله يلجأ للعناد كوسيلة للفت الانتباه له مما قد يشعر الوالدين بالغضب وعدم القدره على التصرف مع هذا الطفل العنيد.

بعد أن تعرفنا على الطفل العنيد سنتعرف على كيفية التعامل معه:
إن أولى قواعد التعربية هي الثبات على المبدأ عند تعامل الأم مع الطفل هذا يعني أن تتفق الأم مع زوجها مسبقا على ما هو مسموح به وما هو غير مسموح به لطفلهما وماذا يفعلان لطفلهما إذا تعدى الحدود الموضوعة يجب على الأم أن لا تدع الطفل يعمل شيء يرفضه الأب ويجب أن لا تعارض الأم عن شيء فعله الطفل اليوم ثم تعاقبه على الفعل نفسه في اليوم التالي.

وعندما يعاند الطفل عمداً فيجب أن تكون الأم هادئة ولكن حاسمة في الوقت نفسه كما أن إدخال روتين معين في حياة الطفل يقلل من الموقف التي يحدث فيها الصدام بينهما مثل تحديد مواعيد الطعام والاستحمام والنوم يجب أن تسمح الأم للطفل بمساحة من الحرية لاتخاذ القرارات الخاصة به وهذا يمثل جانباً مهما في نمو شخصيته وليس بالضرورة أن يكون الأبوان متساهلين مع الطفل أكثر من اللازم أو جادين أكثر من اللازم فالمبالغة في كلتا الحالتين ستؤدي الى نتائج غير طيبة اذا قوبل كل ما يريده الطفل دائماً بالرفض دون إعطائه اتخاذ قرار سيؤدي ذلك الى عدم قدرته على اتخاذ أي قرار أو تكوين رأي خاص أما اذا لم يوجه الأبوين طلفلهما وتركه يفعل ما يريد بصفة دائمة فستكون النتيجة طفلاً منفلتاً ليس لكلام أي تأثير عليه.

عزيزتي هنالك فترة يبدأ الطفل فيها العناد ظاهر سلوكية تبدأ في مرحلة مبكرة من العمر فالطفل قبل سنتين من العمر لا تظهر مؤشرات العناد في سلوكه لأنه يعتمد اعتماداً كلياً على الأم أو غيرها ممن يوفرون له حاجاته فيكون موقفه متسما بالحيادية والاتكالية والمرونة والانقياد النسبي.

وللعناد مراحل:-

-المرحلة الاولى:- حينما يتمكن الطفل من المشي والكلام قبل سن الثلاث سنوات من العمر أو بعد أول سنتين وذلك نتيجة لشعوره بالاستقلالية ونتيجة نمو تصوراته الذهنية فيرتبط التعناد بما يجول في رأسه من خيال ورغبات.

-المرحلة الثانية:- فهي العناد في مرحلة المراهقة حيث يأتي العناد تعبيراً للانفصال عن الوالدين ولكن عموماً وبمرور الوقت يكتشف الطفل أو المراهق أن العناد والتحدي ليسا هما الطريق السوي لتحقيق مطالبة فيتعلم العادات الاجتماعية السوية في الأخذ والعطاء ويكتشف أن التعاون والتفاهم يفتحان آفاقاً جديدة في الخبرات والمهارات الجديدة خصوصاً إذا كان الأبوان يعاملان بشيء من المرونة والتفاهم وفتح باب الحوار معه مع وجود الحنان الحازم.
الطفل العنيد يصر على التصرف بالطريقة التي تحلو له رفضاً تنفيذ ما يؤمر به مثلا يصر على أن تشتري له أمه لعبة ما أو يرفض أن يرتدي معطفه أو غالباً يكون هذا التعريف الخاطئ أو غير المرغوب فيه تعبيراً عن الرفض تجاه من يأمره ورغبة في إثبات ذاته.

مستمعتي الفاضلة ليس كل العناد سلبي بل هنالك إيجابيات في الطفل العنيد:

1- يستطيع الطفل العنيد الاندماج مع الاشخاص الكبار بسرعة.

2- يستطيع الطفل العنيد التركيز جيداً.

3- يستطيع الطفل العنيد التعلم بسرعة للجرأة الزائدة عندما غالباً.

4- يكون الطفل العنيد أكثر حزماً وأقوى شخصية.

5- يكون الطفل العنيد أكثر تقبلاً للعب والاندماج مع الغرباء ومع الجنس الاخر.

هنالك الكثير من الطرق التي من شأنها مساعدة الوالدين على التعامل مع الطفل العنيد بفاعلية وهدوء:

1- التشجيع والمجاملة:-

من أهم الأسباب التي تدفع الطفل الى العناد هي عدم شعوره بالأمان وأن الأب أو الأم لا يحبونه ولا يقدرون مجهوده ولذلك فإن أفضل وسيلة للتعامل مع الطفل العنيد هي المحاولات الدائمية من الآباء والأمهات لمجاملة الطفل وتشجيعه وإظهار التقدير والإعجاب بالسلوكيات الحسنة والعادات الجميلة التي يعقلها الطفل فهذا يساعد على طمأنه الطفل ويشعره بحب والده ووالدته له فيبدأ في التقليل من عناده وسلوكياته الغريبة.
2- الرقابة الحازمة:-

من المهم أن يعطى الطفل العنيد مساحة من الحرية وأن يحاول الأب والأم وأن يعطوه فرصه للاختيار ولكن كل هذا يكون تحت رقابة لئلا يتمادى في عناده ويرتكب العديد من الحماقات ولذلك فإن هناك مواقف يجب أن يتعامل فيها الاباء والأمهات بحسم وصارمة دون إعطاء الطفل أي فرصه للاختيار وذلك لتفادي العواقب التي يتمكن أن يقع فيها الطفل اذا اختار بنفسه وهذا أهم استراتيجيات التعامل مع الطفل العنيد.

3- الشرح والتبرير:-

لا يمكن معاقبة الطفل العنيد على إحدى سلوكياته السئية دون أن يبرز له سبب هذا العقاب وتشرح له عواقب سلوكه السيء وهنا من المهم أن يحرص الآباء والأمهات على عدم القاء الأوامر أو عقاب الطفل العنيد أو حتى مكافأته دون شرح وتبرير السبب وراء ذلك وأن يعرف عوقب لأنه ارتكب هذا الفعل الذي كان من الممكن أن يؤدي لهذه النتائج ولذلك فأنه يستحق العقاب والعكس صحيح طبعاً.

4- الهدوء:-

عصبية الاباء والامهات لاتساعد مطلقا في التعامل مع الطفل العنيد حيث تزيد هذه العصبيه حدة عناد الطفل وتجعله شديد التخبط ولذلك من المهم ان يحرص الاب والام ع هدوئهما اثناء التعامل مع الطفل العنيد ومهما ارتكطتب هذا الطفل من افعال سيئة فمن المهم ان يتعامل الأب والأم بحسم وحزم دون عصبية أو انفعال أو غضب لأن هذا يزيد من عناد الطفل بل ويجعله طفلاً عصبياً أيضاً.

وكذلك البعد عن إرغام الطفل على الطاعة واللجوء الى دفء المعاملة اللينة والمرنة في المواقف فالعناد اليسير يمكن أن تغض الطرف عنه ونستجب لما يريد هذا الطفل مادام تحقيق رغبته لن يأتي بضرورة ومادامت هذه الرغبة  في حدود المقبول.

وأيضاً شغل الطفل بشيء آخر والتمويه عليه إذا كان صغيراً ومناقشته والتفاهم معه إذا كان كبيراً والحوار الدافئ المقنع غير المؤجل من أنحج الأساليب عند ظهور موقف العناد حيث أن أرجاء الحوار الى وقت لاحق سيشعر الطفل أنه قد ربح المعركة دون وجه حق.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصدر: برنامج نقش على الحجر-الحلقة الخامسة- الدورة البرامجية51.


تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا