الابتسامة
2020/05/19
581

إن الابتسامة لها رونق وجمال، وتعابير تضفي على وجه صاحبها الراحة والسرور ، بل رتب النبي صلى الله عليه واله وسلم أجر عليها فقال "ص" (تبسمك في وجه أخيك صدقة)..

هشت لك الدنيا فمالك واجماً ... وتبسمت فعلام لا تتبسم 
إن كنت مكتئباً لعزٌّ قد مضى ... هيهات يرجعه إليك تندم

فإنَّنا حين ننظر إلى المبتسم، نرى لوحة ناطقة، ووَرْدة مُتفتحة، وعبيرًا فوَّاحًا، تصلنا نسائمُه، وتُخالط قلوبنا؛ فتبعثُ فينا بهجة فرح، ، ثُمَّ تتململ تلك الأشياء وتصعد؛ لتفيض من محيانا ابتسامة هي أخت تلك الابتسامة، جاءت حين رأتها، وبادرت حين أحسَّتها، ولم تترك لك فُرصة اتِّخاذ القرار، بل باغتتنا دون أيِّ مقدمات كردَّة فعل طبيعيَّة على الابتسامة الصَّادقة، التي غَمَرك بها هذا الوجه المُبتسم، فتلاقت الابتسامتان وتعانقتا بصدق في منظر أخَّاذ.

نعم الابتسامة هي مفتاح ٌ للقلوب، فعلها لا يكلف شيئا، لا تستغرق أكثر من لمحة بصر، لكن أثرها يخترق القلوب، يسلِبُ العقول، يُذهب الأحزان، يُصفي النفوس،و يكسر الحواجز مع بني الإنسان.

إنها شمعة أمل تبعث الحياة من جديد في النفوس الراكدة، تزيل كل معالم الوحشة والنفور من الصدور الضائقة والقلوب الحاقدة والمغضبة...هي وقود القلوب النابضة، هي بوابة السعادة المشرقة، تنطلق لترسم جسور التواصل والمحبة، فتتجاوز المعوقات والعثرات التي تقف حاجبًا بيننا وبين الآخرين، فتذيب الغضب المتراكم، وتصهر أقفال الحقد الصدئة، وتعطر الأجواء بنسمات الحب والود والارتياح والطمأنينة. 

وايضا هي إحدى اللغات الصعبة التي يفهما الكل ولكن لا يستطيع التحدث بها ولا يحسن التعامل معها إلا القليل الموفقون إليها، فهي أسرع سهم تملك به القلوب وهي مع ذلك عبادة وصدقة.

ونجد بالمقابل طبقة من الناس حرموا من هذا الخلق الجميل فما ترى أحدهم إلا مقطب الجبين كالح الوجه لا يعرف ابتسامة ولا ترى على خلقه وسامة، حتى وإن قابلك بعد طول غياب وأنت من أقرب الأصحاب والأحباب فإنه يقابلك بوجه مكفهر وكأنك عملت به ما عملت، إن هذا خلق بغيض خلاف ما كان عليه خلق رسول الله - صلى الله عليه واله وسلم - الذي كان يبتسم لأصحابه ويبتسم لأعدائه. فإن الذي يعيش على هذه الحال إنسان سوداوي المزاج يعيش في عزلة عن الناس لا يحبه أحد ولا يأنس به أحد ولا يقترب منه أحد، فالناس يحبون سلس الأخلاق كريم الطباع.

كما وتعد الابتسامة أكبر عامل في حل مشاكل الخلافات بين البشر وخاصة ما بين الزوجين فلو احتدم النزاع وحمل كل واحد منهم على صاحبه ما حمل وتوترت الأمور وأصبحت شائكة ثم بادر أحد الزوجين بالابتسامة للآخر لتزحزح ذلك الجبل من الغضب ولعادت الحياة إلى مجراها الطبيعي بعد لحظات بل وربما كانت أحسن مما كانت عليه. 

فيجب على البشر عامة وعلى المسلمين خاصة أن يستخدموا هذا الدواء الناجع لعلاج أمراض الحقد والغضب وسوء العلاقات بين البشر فإنه كفيل بإذن الله بالشفاء العاجل وإرجاع الأمور إلى أحسن مما كانت عليه. 

فابتسم أيها المسلم لزوجتك وابتسمي أيتها المسلمة لزوجك عندما يحل بينكما خلاف، وابتسم أيها المسلم لأولادك، لاعبهم أزرع الفرح فيهم واجعلهم إذا رأوك يدركون معنى السعادة بين يديك، وابتسم أيها المسلم لأخيك المسلم عندما تتوتر بينكما الأمور فإن الابتسامة كفيلة بحل ما بينكما أفضل من مائة حاكم
ابتسم للحياة ولا تعش عابس الوجه ضيق الأخلاق فإن نبينا وقدوتنا محمد - صلى الله عليه واله وسلم - كان يبتسم حتى في الأحوال الصعبة فكسب بتلك الابتسامة قلوب أعدائه قبل أصحابه وآله.

ثمَّ إنَّ للابتسامة من الفوائد الطبية مما ذكره الأطباء  أنها تساعد على تخفيف ضغط الدم، وتنشط الدورة الدموية، وتزيد من مناعة الجسم، وتُساعد المخَّ على الاحتفاظ بكَميَّة كافية من الأوكسجين، ولها آثار إيجابيَّة على وظيفة القلب والبَدَن والمخِّ، وتخفف من حُموضة المعدة، وتزيد من إفرازات الغُدد الصَّمَّاء، وتؤخر عوارض الشَّيخوخة.

إذن.. إنَّ الابتسامة شعارٌ من شعائر الأنبياء، وسُنَّة من سنن المرسلين، وصفة من صفات المُؤمنين، وسِمَة نبيلة من سمات النبلاء، ولغة سامية من لغات الحضارة البشرية، فإن أنت لم تفعلها؛ فنفسك حرمت، وحَظَّك ضيعت، وفُرصَتَك إلى قُلُوب النَّاس أهدرت، وما أملك لك أنْ نَزَع الله الرَّحمة من قلبك فحَرَمك هذا الفضل العظيم.

 

 

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: برنامج وهج الأمل- الحلقة الحادية عشرة- الدورة البرامجية44.


 

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا