الاستماع والإنصات في الحوار الأسري
2020/01/13
530

 إن الإنصات هو العملية التي يتم من خلالها تحويل اللغة المتكلم بها إلى معنى في الذهن، وعندما يفهم الإنصات على هذا النحو فأنه يشتمل على الاحساس،  التفسير، التقييم والاستجابة) إذا الإنصات هو عملية سيكولوجية تشمل الحدة السمعية والإحساس السمعي أي: القدرة على السمع والتميز بين الأصوات، أما التفسير فهو عبارة عن الفهم الذي يبدأ مع الإنصات وعن طريقة يستطيع المستمعون تفسير الرسائل التي سمعوها، وأما التقويم فهو عبارة عن دمج المعاني الواردة في عمليتي الإحساس والتفسير إلى جانب تنظيم مكونات الرسالة بصورة جيدة، والمقارنة بينالمصادر العديدة للمعلومات، وأخيرا فالاستجابة هي المرحلة الأخيرة من عملية الإنصات وفيها يستطيع المستمعون الجمع بين المعرفة والشعور مع القدرة على تقيم المناقشات والحوارات التي سمعوها على نحو كامل فيتذوقوا اللغة وقوة الرسالة إلى جانب توحدهم ذهنيا مع المتكلم، وبذلك نستطيع القول أن فن الإنصات هو الحصول على معلومات من المتحدث أو الآخرين مع التزام الهدوء وعدم إصدار الأحكام المسبقة  وأشعار المتحدث بالاهتمام مع التعليق بصورة موجزة ومحددة على ما يقوله شريطة محاولة تدعيم أفكاره وآرائه ، ويعرف الإنصات أيضاً بأنه مهارة لا يستطيع أن يمارسها كل إنسان بل تحتاج إلى تدريب وخبرة وممارسة حتى  يكتسبها الفرد، حيث إن الاستماع  في حد ذاته فن وليس مجرد أصوات تسمعها الأذن  وتستجيب لها، إنما هي أصوات تحتاج إلى ترجمة المعاني والرموز التي تعبر عنها محتوى الرسالة   فالإنصات الفعال يقتضي ضمنا الانتباه اليقظ للرسالة وفهمها عميقاً، وكلما كانت الرسالة موجزة وواضحة كانت الاستجابة صادقة وخالية من التكلف،كما أن الاستماع يعد وسيلة أساسية للنمو اللغوي وتوسيع مدارك الانسان وزيادة قدرته على الفهم، كما يمكن أيضا عن طريق الاستماع اكتساب المعلومات الجديدة وخلق العلاقات الاجتماعية مع الناس.ومن هنا عزيزتي الأم الكريمة: نقول لكِ هل تتعاملين مع أولادكِ أنت والاب بهذه المهارة في الحوار وهل تشعرينهم بالامان من خلال تحاورك معهم أم تستمعين إليهم ظاهراًوليس باطناً هل تنصتين إليهم بكل جوارحك وأحاسيسك وتفهمين وجهات نظرهم في الحياة وهل للأب أيضاً هذا الدور مع الاولاد أم انه مشغول بمقتضيات الحياة ومتطلباتها؟ هذا ما نود أن نبينه لكِ.

إن الإنصات الفعّال غيرالاستماع، وقّف عن الاستماع بلسانك، إنّه يعني الاستماع باهتمام وبالجوارح كلها، ومن خلال ملامح الوجه، ولغة الجسد، والرسائل الإيجابية التي يبعثها المنصت الإيجابي للمتكلم.

الإنصات الفعال يعني اهتماماً بما يريد الاولاد التعبيرَ عنه. ويعني اهتماماً إيجابياً بالرسائل الخفيّة لهم، وهو طريق لتجاوز الحالات المتوترة بين الوالدين والأبناء، وكلّما مورس الإنصات الفعال كلّما عرفت  العلاقاتُ الأسرية انحساراً  وتقلصاً للحالات المتشنجة، وهناك الكثير من الخطوات للاستماع والانصات للاولاد إن اتبعتيها كانت علاقتك بأولادكِ علاقة حميمة وبذلك تتجاوزي  الكثير من العقبات في  حياتك معهم  وتنشئتهم في جو اسري مليئ بالسعادة والاطمئنان  ومنها:

 1- اربطي علاقة تواصل بين عينيك وعيني اولادك، وتَفادِ أن تشيحِ بوجهك عنهم، فإن ذلك يوحي بقلة اهتمامك بما يقولوه، وقلة اعتبارك لشخصهم.

2- أنشئي علاقة اتصال واحتكاك جسدي مباشر من خلال لمسة الحنان وتشابك الأيدي والعناق، ووضع يدكِ على أكتافهم، فإنّ ذلك يوطد العلاقات المبنية على المحبة ويسهّل  لغة التواصل العاطفي، وييسر التفاهم ويفتح لديهم  أجهزة الاستقبال للرسائل التربوية الصادرة من الوالدين.

3- علّقي على ما يقولونه  وبشكل سريع دون أن تسحبي الكلام منهم، مبديةً تفهّمك لما يقولوه من خلال حركة الرأس أو الوشوشة والإيماء بنعم أو ما شاءالله، مما يوحي لهم  أنك تتابعيهم باهتمام فتزيد طمأنينتهم.

4- ابتسمي باستمرار وأبدِ ملامح الاطمئنان لما يقولونه، والانشراح بالإنصات لهم،مع الحذر من إشعارهم أنكِ تتحمّلي كلامهم على مضض، أو أنه مضيعٌ لوقتك ولا تنظري للساعة وكأنكِ تقولي له لا وقت لديّ لكلامكم.

5- متى وضحت الفكرة، وتفهمتِ الموقف عبِّري لهم  عن هذا، وأعيدي باختصار وبتعبير أدق ما يودّون إيصاله لك لتعلّمهم اختصارَما يريدوا قوله، وفنَّ التعبير عن مشاعرهم وأحاسيسهم، والدقة في التعبير، فإنّك بذلك تقللِ من احتمالات حدوث الملل بينكما. إنّ الإنصات الفعال لا يكتمل إلا من خلال الاتصال غير اللفظي الذي يطمئِن الاولاد ويعيد لهم توازنهم النفسيّ، ويقضي بالتالي على مقاومتهم  للرسائل التربوية الصادرة عن الآبوين.

أختي الأم المربية الكريمة في الختام نود أن نقول لكِ: إن الإنصات الفعال خطوة ضرورية في التربية الإيجابية لا غنى للمربي عنها، فكما أنّنا نخصّص أوقاتاً لشراء ما يحتاجه أبناؤنا، وللاهتمام بصحة أبدانهم ونظافتهم، فكذلك نحتاج إلى تخصيص وقتٍ للإنصات لهم مهما قلّ هذا الوقت، فبتخصيص خمس دقائق للأولاد تعني أنكِ تودّين التواصل معهم وتحاولين فهمهم وتفهم حاجاتهم ورغباتهم وأنك تشعرين بهم وقبل هذا وذاك تعني أن تتقنِ فن الأخذ والعطاء، وتمهّدي قلوب الأبناء وبصيرتهم للإنصات الفعال، وبمعنى أوضح إنّكِ تقوّي (الذكاء الوجداني) لديهم، والمعروف لدينا بالبصيرة، فأنصتِ لأبنائك ليحسنوا الإنصات إليك.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: برنامج طريقك نحو السعادة - الحلقة العاشرة - الدورة البرامجية 29

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا