إدارةُ الخِلافاتِ الزَّوجيّة
2025/11/24
61

إعداد: الباحثة أفياء الحسيني

 

المُلخّص

 

تتناولُ هذه الورقةُ البحثيةُ أحد أهمِّ التحديات التي تواجه الأسرة المعاصرة، وهو الخلاف الزوجي بوصفه ظاهرةً إنسانيةً طبيعية تتطلّب إدارةً حكيمة أكثر من كونها مبرّرًا للانفصال أو التنافر. تسعى الورقة إلى تسليط الضوء على الأسباب النفسية والاجتماعية للخلافات الزوجية، وتحليلها في ضوء نظريات الشخصية والعاطفة، وصولاً إلى مقترحاتٍ تربويةٍ وإرشاديةٍ تعزّز الوعي الزواجي وتدعم الاستقرار الأسري.

 

أولًا: مقدّمة

 

يُعدّ الزواج علاقةً إنسانيةً مركّبة تقوم على التفاهم والتكامل، إلّا أنّها لا تخلو من الخلافات الناتجة عن اختلاف الطباع، وأنماط التفكير، والضغوط الحياتية. فطريقة التفكير هي نقطة التحوّل في أي نزاع زوجي، إذ يُحدث التحوّل من عقل المنتقم إلى عقل المحبّ فارقًا جوهريًا في مسار العلاقة، ويجعل من الخلاف فرصةً للنضج لا ساحةً للانتصار.

 

ثانيًا: الأسباب النفسية والاجتماعية للخلافات الزوجية

 

1. الأسباب النفسية:

  اختلاف أنماط الشخصية بين الزوجين.

  ضعف الذكاء العاطفي وانخفاض المرونة النفسية.

  التشوهات المعرفية التي تؤدي إلى سوء تفسير سلوك الآخر.

  سيكولوجية الرجل والمرأة واختلاف أساليب التعبير العاطفي.

 

2. الأسباب الاجتماعية:

  تدخل الأهل والأصدقاء في الحياة الزوجية.

  الضغوط الاقتصادية والمجتمعية.

  اختلاف الخلفيات الثقافية.

  تأثير وسائل التواصل الحديثة على التواصل الواقعي بين الزوجين.

 

ثالثًا: أنواع المشكلات الزوجية

  مشكلات عامة: ضعف التواصل، الجهل بالأدوار، الإدارة المالية، تدخل الأهل.

  مشكلات خاصة: الخيانة، البرود العاطفي، العنف، مشكلات الإنجاب.

 

ويمثّل ما يُعرف بـ “الفرسان الأربعة” (النقد، الدفاع، الاحتقار، الانسحاب) مؤشراتٍ إنذاريةً لتدهور العلاقة، إذا لم تُدار بوعيٍ ومهارةٍ انفعالية.

 

رابعًا: المبادئ السبعة لإنجاح العلاقة الزوجية (وفق نموذج جون غوتمن)

 1. تعزيز خريطة الحب.

 2. تنمية الإعجاب المتبادل.

 3. التقرب من الآخر بدل الابتعاد عنه.

 4. قبول التأثير الإيجابي.

 5. حلّ المشكلات القابلة للحل.

 6. تجاوز الجمود العاطفي.

 7. خلق معنى مشترك للعلاقة.

 

خامسًا: مثلث الحب (ستيرنبرغ)

 

يرى ستيرنبرغ أن نجاح العلاقة يقوم على ثلاثة أضلاع:

الحميمية، العاطفة، الالتزام.

وعند اختلال أحد الأضلاع، يختلّ توازن العلاقة وتتراجع قدرتها على الاستمرار العاطفي.

 

سادسًا: التوصيات

  اعتماد الحوار كوسيلة علاج لا كأداة اتهام.

  إعادة بناء طريقة التفكير من منظور “نحن” بدل “أنا”.

  تعزيز الوعي بالاختلاف النفسي بين الرجل والمرأة بوصفه تكاملاً لا تضادًا.

  الاستعانة بالإرشاد الأسري عند تكرار الخلافات دون حلول واضحة.

 

الخاتمة

 

إنّ إدارة الخلافات الزوجية ليست فنًا لحلّ المشكلات فحسب، بل هي منهج حياة يتطلّب نضجًا انفعاليًا وتفكيرًا بنّاءً يوازن بين القلب والعقل.

وحين نتعلّم أن نرى في الخلاف فرصةً للتقارب، نكون قد بدأنا فعلاً خطواتنا الأولى نحو زواجٍ ناضجٍ ومستقرّ.

______________________

المصدر: محاضرة إدارة الخلافات الزوجية للمرشدة نبأ صباح الحيدري / مركز الثقافة الأسرية – العتبة العباسية المقدسة

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا