حديث الأب لأبنائه وكلام الأخ لإخوته، كانت تلك هي خطبة الجمعة بتاريخ: (20/ربيع الآخر/1440هـ، الموافق 28/كانون الأول/2018م)، أبرزت فيها مشكلة اجتماعية خطيرة للغاية، مع أنّ وكيل المرجعية الدينية العليا سماحة السيد أحمد الصافي (حفظه الله) أكد أنّه لا يعمم هذه المشكلة، بل أشار إلى ضرورة تذكير كلّ مَنْ له علاقة بها، ألا وهي مشكلة الشباب.
أبرز ما أوضحته الخطبة هو: أنّ زهرة عمر الشاب يقضيها في المدارس، فأيُّ عنوان أرقى من عنوان (المربي) ليتصدى لشريحة الشباب، وينمي فيهم روح الأمل، ومحبة الوطن، واحترام القيم.. والمثير للدهشة أنّ المرجعية ترجّت العاملين في مجال التربية، أن لا يتنازلوا عن هذا العنوان المقدس، فهلّا تنبّهت الدولة لهذه الفئة التربوية المهمة؟ والتي تقف المرجعية الدينية إجلالاً لها، ووجّهت للمربين السؤال التالي: من أين سنأتي بالعلماء، إن لم تغرسوا في أبنائنا حب العلم والمعرفة؟!
سؤال يطرأ: هل ستخشى بقية الأمم منا، ونحن نشيع الجهل والتجهيل في أجيالنا؟ أليس الشباب عنوان الفتوة، والحركة، والتفاعل، ومصدر القوة، وذخيرة الأمة، ومن حقنا أن نفتخر بهم؟ ألا تقع على المربي ومسؤولي التربية في الدولة، مهمة وطنية، وشرعية، وأخلاقية، وإنسانية لبناء هذه الأجيال، وأن نساعدها على قضاء أوقات نافعة وإيجابية لخدمة المجتمع والبشرية جمعاء؟
استفهمت المرجعية الدينية العليا -على لسان وكيلها- عن دور الأسرة التي هي أساس قيام المجتمعات! وسألت الآباء والأمهات على حدٍّ سواء: هل تعرفون كيف يقضي أولادكم أوقاتهم؟
ووجهت النداء للأسرة قائلة: أيُّها الأب أقبّل يدك، أعطِ وقتاً لولدكَ، وأيّتُها الأم: أقبِّلُ رأسكِ من وراء حجاب، اعطِ وقتكِ لابنتكِ، أيها الوالدان: مارسا عملية التربية ولا تفرطا بهذا العِقد المهم في حياتنا، وبحجج فارغة، واهية، متبجحة، (العمل وهمومه ومشاغل الحياة)، تباً لهذا الشغل الذي يقصيكَ عن أبنائكَ!
الأمور تسير بطريقة سيئة ويندى لها الجبين، وبيوت اليوم تكاد تكون متفككة مجتمعياً؛ لأنّ الأب في وادٍ، والأم في وادٍ، والأبناء ضائعون تائهون، فإلى أين أنتما ذاهبان بشبابنا، وهم في فورة عمرهم الذهبي؟! أين مخافة الخالق الجبار فيهم؟ أليس من الحكمة والتدبر قضاء وقت معهم، أفضل من صديق سوء، أو مصروف مُفسد، أو تواصل مخل بالآداب؟!
هل مستوى الأسر التوعوي والشرعي يرضي الطموح اليوم في واقعنا؟ وهل باتت الأسرة مجرد وعاء، يحتضن الأبناء ليلاً للمبيت فقط؟ أين هي التغذية الروحية والأخلاقية؟ أين تضيّعون أوقاتكم أيُّها الآباء وأيّتُها الأمهات؟
فلا بدّ لكم من أن تكونوا بمستوى هذه الألفاظ، فالأرض ليست مفروشة بالورد، كما إنّنا نضم صوتنا وبقوة إلى صوت المرجعية الدينية العليا، التي هي بوصلة أمننا وأماننا، ومع أنّها لم تصرّح بمساوئ بعض الأسر والمربين، إلا أنّها تستشعر الخطر الداهم أمام شبابنا!
أيّتهُا الأسرة: هاك بعضاً من مشاكلكِ: ضعف الوازع الديني، وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي بأساليبها المبتذلة، وتنازل الأب عن وظيفته، بصفته والداً وراعياً لشؤون الأسرة ومتابعة أحوال أبنائه، وانتشار المقاهي المضللة، والبطالة، وممارسة بعض السلوكيات الخاطئة، أو المنحرفة من قبل بعض الآباء، والأمهات، والمربين، ثم إنً في النفس غصص كبيرة وقصص كثيرة!
واختتمت خطبة الجمعة بالقول: الشباب ذخيرتنا، وهم يحتاجون لهمة قوية، وإلى مَنْ يتصدّى لعملية التعلّم: ليكن عنوانكم للمرحلة القادمة (الشباب)، وآخراً نقول: رُبَّ همةٍ أيقظت أمةً.
__________________________________________
النهضة الحسينية وتأثيرها في النفوس
كيفية التقليل من إدمان الهاتف الذكي؟!